الرئيسية / مقالات رأي / الفوضى ملجأ “حزب الله”!

الفوضى ملجأ “حزب الله”!

بقلم: فارس خشان- النهار العربي
الشرق اليوم– يعرف المسؤولون اللبنانيّون أنّ الحيثيات التي يستعملونها في مخاطبتهم العلنية للمجتمع الدولي بخصوص التطورات في الجنوب بقدر ما تفتقد الى الآذان الصاغية، ترسم ابتسامات ساخرة على الشفاه، فهم في ما يكتبونه من بيانات، وكان آخرها نص الشكوى التي تمّ رفعها الى مجلس الأمن الدولي، وما ينطقون به من مواقف، وكان آخرها تصريح وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، لا يتطلّعون الى استقطاب مناصرة دولية للبنان، في حرب يخوضها “حزب الله” باسمه ورغمًا عنه، في إطار “تلاحم الساحات”، بل الى استرضاء الحزب الذي يهمين على القرار السياسي في البلاد، ويمسك بالمؤسسات الدستوريّة، وفي بعض الأحيان ب”حق الحياة”.

وهذه الملاحظة يجمع عليها، على ما يبدو، جميع الموفدين الغربيّين الذين زاروا لبنان، في الأسابيع القليلة الماضية، للبحث في وجوب ضبط الجبهة اللبنانيّة-الإسرائيليّة، إذ سمع هؤلاء من جميع المسؤولين اللبنانيّين يتقدمهم رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بأنّ قرار الحرب ليس بيد الحكومة اللبنانيّة، وهم سوف ينقلون الرسالة التي وصلتهم الى قيادة “حزب الله”. وقد اختصر الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين( أو هوكستاين أو هوكستين أو هوكشتين) هذا المشوار فذهب مباشرة الى المدير العام السابق للأمن العام اللواء المتقاعد عباس ابراهيم وأودعه، بصفته صندوق بريد “موثوق” الرسالة الخاصة بصاحب القرار في لبنان: “حزب الله”!

بالنسبة للمجتمع الدولي لا توجد اجتهادات حول التطورات الحاصلة على الجبهة اللبنانيّة- الإسرائيليّة، فـ”حزب الله” لم يخرق القرار 1701 الذي أوقف الحرب في آب (اغسطس) 2006 بل أجهضه، وأعاد العمليات الحربيّة الى الواجهة، وبإجهاضه هذا القرار وجه ضربة معنوية قاسية الى الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، بصفتها مكلفة منع الإنتشار المسلّح غير الشرعي على امتداد جنوب نهر الليطاني.

ووفق دبلوماسي أوروبي، فإنّ كل البيانات والتصريحات الصادرة عن المسؤولين اللبنانيّين تسقط ليس بتوقيت القصف الإسرائيلي الذي يأتي دائمًا بمثابة رد على قصف “حزب الله” فقط، بل بأدبيان بيانات “حزب الله” التي يعلن فيها عن عملياته كما عن شهدائه، كما بإدخال ميليشيات لبنانية وفلسطينية “مصطنعة” الى المواجهة، أيضًا، بالإضافة طبعًا الى خطب وكلمات المسؤولين فيه حيث يتم ربط إعادة حال الحرب الى الجبهة اللبنانيّة- الإسرائيلية بقطاع غزة وليس بأيّ شيء آخر تتضمنه رسائل السلطات اللبنانيّة.

وكل هذا يعني أنّ لبنان دخل في حقبة جديدة سيكون فيها أمام خيار من اثنين: إعادة تأسيس الدولة وفق المقومّات التي تقتضيها السيادة أو الفوضى.

وإعادة تأسيس الدولة لم تعد تعني، كما في الأشهر التي سبقت “طوفان الأقصى”، انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة يتعاون مع حكومة لإنقاذ الوضعين المالي والاقتصادي في البلاد، بل إنشاء سلطة قادرة على الإمساك بشؤونها السياديّة ولا سيّما منها “قرار الحرب”.

أمّا الفوضى فتعني إباحة حالة الحرب بين لبنان وإسرائيل التي، في حال لم ينسحب “حزب الله” بعتاده وعديده الى شمال نهر الليطاني، ستجد نفسها تتعامل مع الجنوب اللبناني كما تتعامل حاليًا مع قطاع غزة، لأنّ العقيدة الإسرائيليّة لمرحلة ما بعد هجوم “حركة حماس” على غلاف غزة، باتت تنبذ كل “تفاهمات ضمنية” مع تنظيمات “محور المقاومة”.

ولبنان الرسمي يعيش في هذه الصورة، وهو يتوقع أن تنطلق في الأشهر القريبة مفاوضات لتحقيق هذا الهدف.

وحتى تاريخه، يرفض “حزب الله” كل بحث في هذا الموضوع، ويعتبره “مؤامرة صهيونية” يتبنّى تنفيذها “أصدقاء إسرائيل” من تلك الدول التي تزعم أنّها “صديقة للبنان”، مثل فرنسا.

ويعرف الجميع أنّ صياغة قرار يقضي بإبعاد الجناح العسكري ل”حزب الله” الى ما وراء الضفة الشرقية لنهر الليطاني ليس “رحلة سهلة”، إذ إنّ هذا القرار ليس عند “حزب الله” فقط، بل هو، أوّلًا وأخيرًا، عند “الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران” التي تعتبر جنوب لبنان عمقًا استراتيجيًّا لها، وفق تعبير مرشدها السيّد علي خامنئي.

ويتوقع كثيرون أن يعمل “حزب الله” بكل ما أوتي من قوة حتى يعرقل هذا المخطط ويبقي الوضع الجنوبي على ما كان عليه قبل “طوفان الأقصى” ولو اقتضى ذلك تعميم الفوضى في لبنان، مع ما يعني ذلك من اغتيالات وصدامات وانشاء ميليشيات وتفريغ المؤسسات وتحضير الأرضية لحروب لا تنتهي.

شاهد أيضاً

أيهما أخطر؟

بقلم: محمد الرميحي – النهار العربي الشرق اليوم- جاء الزمن الصعب لنسأل أنفسنا: أيهما الأكثر …