الرئيسية / دراسات وتقارير / من يراقب انتخابات الرئاسة في مصر؟

من يراقب انتخابات الرئاسة في مصر؟

بقلم: إبراهيم مصطفى- اندبندنت عربية
الشرق اليوم– انطلق ماراثون انتخابات الرئاسة المصرية منذ أيام للمصريين في الخارج، على أن تبدأ عملية التصويت في الداخل أيام الـ 10 والـ 11 والـ 12 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، وفقاً للجدول الزمني الذي أعلنته الهيئة الوطنية للانتخابات، تحت أنظار عشرات منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية التي يقول مراقبون إن طبيعتها وطريقة اختيارها يجعل عملها الرقابي غير كاف كدلالة على نزاهة العملية الانتخابية، في حين يرى آخرون أن معايير الشفافية متحققة بوجود تلك المنظمات المستقلة رسمياً.

ويدلى 67 مليون ناخب بأصواتهم داخل 10085 مركز اقتراع للاختيار بين أربعة مرشحين، هم الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي ورئيس حزب “الوفد” عبدالسند يمامة ورئيس حزب “الشعب الجمهوري” حازم عمر ورئيس “الحزب المصري الديمقراطي” فريد زهران.

وكانت الهيئة الوطنية للانتخابات أعلنت في سبتمبر (أيلول) الماضي قبول طلبات 43 من منظمات وجمعيات المجتمع المدني المصرية والأجنبية لمتابعة الانتخابات الرئاسية، إضافة إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان والمجلس القومي للمرأة والمجلس القومي لشؤون الإعاقة، في مقابل ما يقارب 70 منظمة شاركت في مراقبة انتخابات الرئاسية الماضية عام 2018، من بينها عدد من المنظمات الدولية مثل مركز “كارتر” الأميركى والمعهد الانتخابي للديمقراطية المستدامة في جنوب أفريقيا ومنظمة الشفافية الدولية.

انتقادات وسخرية

وفور الإعلان عن أسماء المنظمات المقبولة انتقد سياسيون وحقوقيون معارضون ما رأوا أنه “عدم استقلالية تلك المنظمات عن الاتجاه العام للدولة، وعدم خبرتها بمتابعة الانتخابات”، حتى إن نائب رئيس الجمهورية الأسبق محمد البرادعي سخر من اسم جمعية “الكوكب المنير” التي حصلت على الموافقة لمراقبة الانتخابات.

أما المنظمات الأجنبية المشاركة في مراقبة الانتخابات فأشهرها البرلمان العربي وجامعة الدول العربية، وقبل أشهر طالبت الحركة المدنية الديمقراطية، أكبر تكتلات المعارضة المصرية، بحزمة من الضمانات لنزاهة وشفافية الانتخابات الرئاسية إلى جانب خضوع العملية الانتخابية للمتابعة من هيئات ومنظمات محلية ودولية مشهود لها بالحياد والموضوعية.

وكان من بين المنظمات الحقوقية التي رفض طلبها لمراقبة الانتخابات الرئاسية الجارية جمعية “السادات للتنمية والرعاية الاجتماعية” التي أسسها عضو مجلس النواب السابق ورئيس حزب “الإصلاح والتنمية” عصمت السادات، لتعلق بعد ذلك على قرار الهيئة الوطنية للانتخابات قائلة إنها “بداية غير مطمئنة ولا مبشرة لنتائج محسومة”، ومؤكدة أنها استوفت كل الشروط والمعايير الخاصة بالتسجيل لدى الهيئة الوطنية للانتخابات لمتابعة الانتخابات الرئاسية المقبلة، إضافة إلى خبرتها في متابعة جميع الاستحقاقات الانتخابية منذ تأسيسها عام 2004.

وحددت الهيئة الوطنية للانتخابات عدداً من الشروط الواجب توافرها في منظمات المجتمع المدني الدولية والأجنبية لقبول مراقبتهم للانتخابات الرئاسية، منها أن تكون حسنة السمعة ومشهوداً لها بالحيادية والنزاهة، وأن يكون من ضمن مجالات عمل المنظمة الأصلي متابعة الانتخابات أو حقوق الإنسان أو دعم الديمقراطية، وأن يكون هناك ملخص واف عن المنظمة ووضعها القانوني وأنشطتها وسابق خبراتها في مجال متابعة الانتخابات أو الاستفتاءات.

ائتلاف محلي ودولي

وقال رئيس مؤسسة “ماعت” للسلام والتنمية وحقوق الإنسان ومنسق ائتلاف “نزاهة” المشارك في الرقابة على الانتخابات الرئاسية المصرية أيمن عقيل إن “الائتلاف تشكل بعد إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات قائمة المنظمات الدولية التي وافقت على منحها تصريحاً للمراقبة، وتم التواصل مع خمس منها بالتعاون مع منظمتين محليتين لتنسيق الجهود خلال فترة الانتخابات من مرحلة التصويت والاقتراع وحتى فرز الأصوات”.

وأوضح عقيل لـ “اندبندنت عربية” أن ائتلاف “نزاهة” يملك بعثة مكونة من 100 شخص بينهم مراقبون دوليون ومترجمون ونشطاء محليون، ستتابع الانتخابات داخل 10 محافظات هي الأبرز على مستوى الجمهورية بإجمال 2400 لجنة فرعية تمثل 24 في المئة من إجمال اللجان الفرعية لانتخابات الرئاسة.

وكشف عقيل عن أن البعثة ستمارس عملها في التأكد من حرية ونزاهة الانتخابات من طريق استمارة تملأ بواسطة المراقبين، لافتاً إلى أن النماذج تحمل أسئلة حول مدى تدخل الأمن في اللجان وعن وجود محاولات لشراء الأصوات الانتخابية من عدمها أو منع أحد الناخبين من التصويت.

وحول عدم تغطية البعثة لجميع اللجان الفرعية أكد عقيل صعوبة وجود أفراد الائتلاف في المحافظات النائية والحدودية، مؤكداً أن ائتلافه اختار أبرز المحافظات وفقاً للكثافة السكانية والتوزيع الجغرافي بما يحقق التوازن بين المحافظات الشمالية والصعيد، ويشارك المراقبون الدوليون في متابعة تصويت المصريين في الخارج قبل حضورهم إلى مصر، بحسب قوله.

وأعد المجلس القومي لحقوق الإنسان مدونة السلوك الانتخابي التي تتضمن القواعد التي نصت عليها الأمم المتحدة في متابعة العملية الانتخابية، والقواعد المتبعة وآلية المراقبة على الانتخابات، كما أنشئت غرفة مراقبة تعمل 24 ساعة لتلقي الشكاوى ومتابعة كل ما يحدث في الانتخابات، وفق ما أعلنه نائب رئيس المجلس السفير محمود كارم في مؤتمر صحافي.

تراجع العدد

وخلال انتخابات الرئاسة عامي 2014 و2018 اللتين فاز بهما السيسي، كان عدد المنظمات المراقبة 86 و70 على التوالي في مقابل 43 للانتخابات الجارية حالياً، ويعزو المحامي الحقوقي وعضو مجلس أمناء “الحوار الوطني” نجاد البرعي تراجع عدد المنظمات المهتمة بمتابعة الانتخابات إلى الانشغال بالأوضاع في غزة، وحتى المرشحين أنفسهم لم يكونوا على مستوى الحدث، فالرئيس السيسي لم يعقد أية مؤتمرات شعبية أو لقاءات إعلامية عن الانتخابات بسبب ما يحدث في فلسطين.

وأوضح البرعي لـ “اندبندنت عربية” أن “هناك شعوراً لدى المرشحين بأن الانتخابات محسومة وسط ظروف لن تمكنهم من صنع فارق، مما ينعكس على شكل الدعاية الانتخابية لهم في الشارع والفرق الضخم بينها وبين المرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي، كما ينعكس على شكل الحشد الانتخابي”، مضيفاً “لدي اعتقاد بأن الجميع يعرف أن الانتخابات حسمت ولا منافسة فيها”.

وفي شأن عملية المراقبة قال البرعي إن “هناك اتفاقاً عاماً على سلامة العملية الإجرائية، فهناك صناديق شفافة وقاعدة بيانات ناخبين مرتبطة بالبطاقة الشخصية، ويمنع على الناخب التصويت أكثر من مرة لكن ما ينقص الانتخابات هو الجانب السياسي”، موضحاً أن “هناك استحالة لتزوير الانتخابات في ظل التطوير الفني والتكنيكي، لكنني أعتقد أن العالم أجمع ينظر إلى الوضع السياسي في مصر على أنه لا يسمح حالياً بوجود منافسة في الانتخابات الرئاسية”.

محددة سلفاً

من جانبه يرى مؤسس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان المجمدة منذ العام الماضي جمال عيد أن المنظمات الحقوقية التي تعمل باستقلالية على رغم التضييق، بحسب وصفه، أصبحت تعد على أصابع اليد الواحدة، واصفاً مشهد الانتخابات الحالي بأنه تكرار لجوهر انتخابات عامي 2014 و2018، وهذا ما يفسر عدم الحاجة إلى وجود منظمات كثيرة لمراقبتها كونها محددة النتيجة سلفاً، على حد قوله.

وأضاف الحقوقي لـ “اندبندنت عربية” أن “المنظمات المقبولة لمتابعة الانتخابات جميعها ليست مستقلة بما فيها المنظمات الأجنبية لأنها متواطئة مع السلطة في دولها، وهكذا يتحول الأمر إلى تبادل للمجاملة بخصوص الانتخابات مع تلك الدول”.

واعتبر أن انتقادات الحقوقيين لشكل وطبيعة الرقابة على الانتخابات يقوض صدقية نتائجها، مشيراً إلى أنه كان من المأمول أن يطالب أحمد الطنطاوي الذي سعى للترشح في الانتخابات بإشراف دولي على العملية الانتخابية، وهو ما كان سيمكنه من استخراج التوكيلات التي تؤهله لدخول السباق، متابعاً “لقد منعوه من المنبع لأنه كان سيشكل بعض التنافسية، ويبقى ثلاثة مرشحين أمام الرئيس السيسي هم نسخ مكررة من المرشح في انتخابات عام 2018 موسى مصطفى موسى، مما سيؤدي إلى عزوف عن التصويت”، وفق توقعاته.

شاهد أيضاً

مسيرات “الدعم السريع” تقلق الولايات الآمنة في السودان

بقلم: جمال عبد القادر البدوي – اندبندنتالشرق اليوم– تصاعدت في الآونة الأخيرة هجمات الطائرات المسيرة …