الرئيسية / دراسات وتقارير / هل بات طريق قيس سعيد مفتوحاً نحو ولاية رئاسية جديدة في 2024؟

هل بات طريق قيس سعيد مفتوحاً نحو ولاية رئاسية جديدة في 2024؟

بقلم: حمادي معمري- اندبندنت عربية
الشرق اليوم– فرقتهم السياسة وجمعتهم السجون، تلك هي حال المعارضة في تونس حيث يقبع معظم قادة صفوفها الأول بمختلف مشاربهم ومرجعياتهم السياسية والفكرية في السجون بتهم مختلفة، فبعد أن شنت السلطات في تونس حملة اعتقالات تضمنت إصدار مذكرات اعتقال دولية في حق 12 شخصية سياسية بارزة بينها رئيس الوزراء السابق يوسف الشاهد ومديرة الديوان الرئاسي السابقة نادية عكاشة بتهمة تشكيل “تحالف إرهابي والتآمر ضد الدولة”، نفذت أجهزة الأمن حملة توقيفات واسعة منذ فبراير (شباط) 2022 طاولت قيادات من الصف الأول في حركة “النهضة” ورجال أعمال وناشطين سياسيين.

وبينما يقبع اليوم زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي في السجن بتهمة “تمجيد الإرهاب”، أصدر القطب القضائي التونسي لمكافحة الإرهاب في سبتمبر (أيلول) الماضي بطاقة إيداع بالسجن في حق نائب رئيس الحركة منذر الونيسي الذي اعتقل مطلع الشهر ذاته على خلفية تسجيلات مسربة على مواقع التواصل الاجتماعي، كما أوقف رئيس مجلس الشورى في حركة “النهضة” عبدالكريم الهاروني في قضية تتعلق بفساد مالي وإداري وتبييض وغسل أموال.

وتعتبر رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي آخر حلقة في سلسلة الاعتقالات البارزة في تونس قبل أن يُضاف إلى قائمة المعتقلين أخيراً المنسق العام لحزب “القطب” رياض بن فضل عند عودته من الخارج بتهم تتعلق بتبييض الأموال، بحسب ما أعلنه محاميه محمد علي غريب.
وفي المحصلة شملت التوقيفات أبرز الوجوه السياسية المعارضة لمسار الرئيس التونسي قيس سعيد، كما طاولت عدداً من رجال الأعمال والناشطين السياسيين، مما يشي بأن الساحة السياسية في تونس فقدت حيويتها وتنوعها وبات رئيس الجمهورية في طريق مفتوح إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة والمتوقعة في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، فهل تعتبر تلك التوقيفات عملاً ممنهجاً من قبل السلطة لتعبيد الطريق أمام سعيد للفوز بولاية جديدة في الاستحقاق الانتخابي المقبل؟ أم أن قيادات المعارضة متورطة فعلاً في جرائم عدة والقضاء بصدد محاسبتها؟
يؤكد المتابعون للشأن السياسي التونسي أن صوت الشارع السياسي خفت منذ أشهر بعد ملاحقة أبرز قادة المعارضة والزج بهم في السجون، ولم تعد الأحزاب المعارضة قادرة على حشد الشارع للضغط على السلطة وبخاصة بعد إغلاق مقار حركة “النهضة” بينما يقبع زعيمها في السجن.

ترذيل الطبقة السياسية وشيطنة قياداتها

ويرى الناشط السياسي والقيادي في مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” الأمين البوعزيزي أن “السلطة القائمة أمعنت في ترذيل الطبقة السياسية وتخوينها، وتم تحميلها مسؤولية الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها تونس، وإثر شيطنتهم انتقلت السلطة القائمة مباشرة إلى اعتقالهم والزج بهم في السجون”.

ويعتقد الناشط السياسي أن “الرسالة باتت واضحة اليوم من قبل السلطة، وهي ضمان مرور رئيس الجمهورية إلى انتخابات عام 2024 بمفرده بعدما اعتقل معظم القيادات السياسية، مما يعني الذهاب إلى استحقاق انتخابي رئاسي من دون سياسيين ومن دون قادة أحزاب”.
ويصف البوعزيزي الاعتقالات بأنها “نوع من تصفية المعارضة وإبعادها من المشهد السياسي والاحتكاك بالرأي العام”، لافتاً إلى أن “نسبة المشاركة الضعيفة في الاستشارة الوطنية والاستفتاء والانتخابات التشريعية تعكس ضمور المشاركة السياسية ونفور التونسيين من المسار الذي بدأه رئيس الجمهورية قيس سعيد”، متوقعاً أن تكون “نسبة المشاركة ضعيفة خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة”.
وخلص الأمين البوعزيزي إلى أن “السلطة الحالية تستقوي بأجهزة الدولة وتوظّف القضاء لاعتقال المعارضة للتغطية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة في البلاد”.
لا وزن للمعارضة

وفي المقابل تنفي الأحزاب والشخصيات المساندة لمسار سعيد أن تكون السلطة القائمة تعمل على تصفية المعارضة، بل تقول إن “القضاء بصدد محاسبة كل من ارتكب جرماً في حق التونسيين، وهو مطلب شعبي”.
ويؤكد رئيس حزب “الائتلاف من أجل تونس” سرحان الناصري أن “ما يحدث من ملاحقات قضائية لعدد من القيادات السياسية هو تنفيذ لما وعد به رئيس الجمهورية من محاسبة للذين ارتكبوا جرائم طوال العشرية التي سبقت لحظة الـ 25 من يوليو (تموز) 2021″، في إشارة إلى تاريخ إعلان الرئيس التونسي إقالة الحكومة وتجميد عمل البرلمان.
ويرى الناصري أن “جميع القيادات الحزبية الموجودة في السجون لا وزن لها ولن تقدر على منافسة رئيس الجمهورية في الانتخابات الرئاسية المقبلة”، معتبراً أن “وجودهم غير مؤثر في مقابل تزايد شعبية قيس سعيد، بخاصة من خلال موقف تونس إزاء القضية الفلسطينية”.
وذكر رئيس حزب “الائتلاف من أجل تونس” بأن “القضاء كان مسيساً خلال العشرية السابقة وزمن حكم حركة ’النهضة‘ وأما اليوم فهو يعمل باستقلالية وبصدد محاسبة كل من أجرم في حق التونسيين”، مضيفاً أن “تلك الأحزاب المعارضة لا وزن انتخابي لها وسبق للشعب التونسي أن اختبرها وأثبتت فشلها في إدارة شؤون الدولة والاستجابة لمطالب التونسيين”.

ترشح ألفة الحامدي

يذكر أن السباق نحو الانتخابات الرئاسية في تونس بدأ فعلاً، وأعلنت رئيسة حزب “الجمهورية الثالثة” ألفة الحامدي في الـ 11 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري ترشحها للانتخابات الرئاسية، مؤكدة أن “الشعب التونسي يستحق الأفضل” وفق ما جاء في البيان.

سنة انتخابية

ودخلت تونس فعلياً السنة الانتخابية الرئاسية إثر إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن الانتخابات الرئاسية ستجرى خريف عام 2024 وفقاً لما ينص عليه قانون، إلا أن المشهد الراهن في تونس لا يوحي بديناميكية سياسية لاستحقاق انتخابي بذلك الحجم.

ولم يفصح سعيد رسمياً عن ترشحه للانتخابات الرئاسية عام 2024، إلا أنه اكتفى بالقول في أبريل (نيسان) الماضي خلال الذكرى الـ 23 لوفاة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، إن “قضية الترشح للانتخابات لا تخامرني بل يخامرني الشعور بالمسؤولية”، مضيفاً أنه “سيحترم المواعيد الانتخابية”.

وقال “أنا لا أشعر بأنني في منافسة مع أي كان، وأشعر أنني أتحمل المسؤولية ولن أتخلى عنها ولست مستعداً لتسليم وطني إلى من لا وطنية لهم”.

شاهد أيضاً

التأثير السلبي لحرب غزة على الأوضاع الحقوقية في إسرائيل

الشرق اليوم-  الصراع في غزة قد فاقم من حالة حقوق الإنسان في إسرائيل، وأشار التقرير …