الرئيسية / مقالات رأي / كوريا الشمالية والاستقطاب الآسيوي

كوريا الشمالية والاستقطاب الآسيوي

بقلم: محمد السعيد إدريس- الخليج
الشرق اليوم– عقب لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن بوزير الخارجية الصيني وانغ يي في واشنطن (الجمعة 27/10/2023) نشر الإعلام الأمريكي معلومة تقول إنه قد تم التوافق على تنظيم قمة بين الرئيسين الأمريكي والصيني على هامش قمة «أبيك» (منظمة التعاون الاقتصادي في منطقة آسيا والمحيط الهادى) المقبلة في مدينة سان فرانسيسكو، كما نقل عن الرئيس الأمريكي دعوته للصين، عقب هذا اللقاء، إلى «العمل مع الولايات المتحدة لإدارة علاقتهما بمسؤولية» و«مواجهة مشتركة للتحديات العالمية»، فهل يتوقع أن يطلب الرئيس الأمريكي من نظيره الصيني شي جين بينغ، خلال قمتهما المحتملة، أن يضغط على كوريا الشمالية، لكى تمتنع عن تزويد روسيا بالأسلحة؟

إذا حدث ذلك فكيف سيرد الرئيس الصيني على هذا الطلب الذي يشغل الأمريكيين لدرجة كبيرة حيث يزعجهم التقارب الملحوظ في العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية وخاصة، والتعاون في المجال العسكري من منظورين أولهما خشية أن تؤدي استجابة كوريا الشمالية لمطالب روسيا من قذائف المدفعية والصواريخ إلى الإخلال بتوازن القوى في أوكرانيا لصالح روسيا، وأن يؤدي دعم روسيا لكوريا الشمالية بتقنية الصواريخ إلى الإخلال أيضاً بتوازن القوى بين الكوريتين الشمالية والجنوبية لصالح الأولى، ولذلك عبر الأمريكيون عن انزعاجهم من زيارة وزير الدفاع الروسي لكوريا الشمالية في يونيو/ حزيران الماضي، وحضوره احتفالات كوريا الشمالية بعيدها الوطني، وهي الزيارة التي نقل خلالها دعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى نظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون لزيارة روسيا وهي الزيارة التي تحققت في أغسطس/ آب الماضي أثناء وجود الرئيس بايدن في نيودلهي لحضور قمة دول العشرين التي لم يحضرها الرئيس الصيني شي جين بينغ.

حتماً تأخذ الصين هذا كله في اعتبارها، وتأخذ أيضاً ما تقوم به الولايات المتحدة من عمليات احتواء للصين في منطقة المحيطين الهادى والهندي، وخاصة التحالف الرباعي الذى يحمل اسم «كواد» ويجمع الولايات المتحدة والهند واليابان وأستراليا و«اتفاق التحالف الثلاثي» الأمريكي – الياباني – الكوري الجنوبي الذي جرى التوصل إليه في قمة «كامب ديفيد» الثلاثية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بين الرئيس الأمريكي جو بايدن مع الرئيس الكورى الجنوبي يون سوك يول ورئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا، وقبل هذه القمة كانت التدريبات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واسعة النطاق براً وبحراً وجواً.

وإذا كانت الصين قد رضخت للضغوط الأمريكية وامتنعت عن إمداد روسيا بالأسلحة واكتفت بعدم إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، وتقديم الدعم السياسي والدبلوماسي، فهل يمكن أن تواصل هذه السياسة وتضغط على كوريا الشمالية كي تمتنع عن إمداد موسكو بالأسلحة؟

مثل هذه الأسئلة تفرض طرح سؤال مهم هو: ماذا تريد الصين من روسيا؟ هل تريد أن تنتصر روسيا في الحرب الأوكرانية الراهنة كي تعود روسيا شريكاً للصين في المهمة الاستراتيجية التى جمعت، منذ سنوات، بينهما وهي إسقاط النظام الأحادي القطبية الأمريكي وإحلال نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب وديمقراطى وأكثر عدالة؟ أم تريد روسيا تابعة لها ومن ثم تكتفي بالحيلولة دون هزيمتها في الحرب الأوكرانية، وبالتالي يمكن أن تمارس ضغوطاً على حليفتها كوريا الشمالية بوقف إمداد روسيا بالأسلحة.

الولايات المتحدة تداعب الصين بإغراءات كثيرة للقبول بهذا الخيار الأخير، وخاصة مخاطبة الصين بأنها «قوة عظمى» شريكة للولايات المتحدة. فهل ستقبل الصين بهذا الطعم الأمريكي، أم سترد باعتبار أن ما تقوم به واشنطن «مؤامرة» لكسر الصين وإبعادها عن المنافسة العالمية بعد التخلص من روسيا؟

هذا هو السؤال المهم الذي يثير التساؤل حول ما تفكر فيه الصين: هل ستقبل بتأسيس تحالف صيني – روسي – كوري شمالي لمواجهة سياسة الاحتواء الأمريكية ومن ثم سيدخل العالم مجدداً مندفعاً نحو استقطاب عالمي في جنوب شرق آسيا؟ السؤال هو، بكل المعاني، سؤال المستقبل الذي سيؤسس للنظام العالمي الجديد.

شاهد أيضاً

بأية حال تعود الانتخابات في أمريكا!

بقلم: سمير التقي – النهار العربي الشرق اليوم- كل ثلاثة او أربعة عقود، وفي سياق …