الرئيسية / مقالات رأي / بايدن وتحدّي التوازن في الموقف حيال الحرب

بايدن وتحدّي التوازن في الموقف حيال الحرب

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي

الشرق اليوم- لا يمرّ الرئيس الأمريكي جو بايدن بأفضل أيامه. الحرب الدائرة في الشرق الأوسط وضعته في موقف حرج على أبواب فتح معركة الانتخابات الرئاسية للعام 2024. فالموقف المؤيّد لإسرائيل بالمطلق جعل الجناح اليساري في الحزب الديموقراطي أو ما يُعرف بالديموقراطيين التقدميين، يحتجون على عدم ممارسته الضغط على إسرائيل من أجل القبول بوقف لإطلاق النار في غزة.

لكن الرئيس المرشح لولاية ثانية، يخشى إذا ما فعل ذلك أن يعرّض نفسه لانتقادات من مجموعات الضغط الموالية لإسرائيل، ومن خسارة أصوات الكثير من اليهود في الانتخابات. ويخشى بايدن أن تتحوّل هذه الأصوات لمصلحة الرئيس السابق دونالد ترامب الأوفر حظاً في نيل ترشيح الحزب الجمهوري.

وبعد حملة مكثّفة من الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة وما تلاها من هجوم بري، أدّيا إلى ارتفاع أعداد الضحايا في صفوف الفلسطينيين، فضلاً عن تظاهرات مؤيّدة لهم في أنحاء الولايات المتحدة، فإنّ بايدن يواجه غضباً متصاعداً من الديموقراطيين التقدميين الذين يرون أنّه يجب أن يفعل المزيد لكبح جماح إسرائيل.

والأربعاء الماضي، تعرّض بايدن للمقاطعة خلال إلقائه خطاباً في مدينة مينيابوليس، من قِبل امرأة طالبت بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وردّ الرئيس عليها بالقول إنّه يجب أن تكون هناك “وقفة” في الحرب لدواعٍ إنسانية وبما يتيح الإفراج عن رهائن لدى “حماس”.

ومنذ أكثر من أسبوع، تهزّ مدينة نيويورك التي يبلغ عدد سكانها نحو 9 ملايين نسمة، بينهم مليونا يهودي ومئات الآلاف من المسلمين، تظاهرات مؤيّدة للقضية الفلسطينية مقابل مسيرات تضامنية مع إسرائيل.

ويواجه بايدن خطر فقدان دعم العرب والمسلمين بسبب سياسته في الشرق الأوسط، ما قد يُترجم في ترجيح كفّة الجمهوريين في ولايات متأرجحةـ يمكن لبضعة آلاف من الأصوات أن تقلب النتائج لمصلحة هذا الطرف أو ذاك، على غرار ميشيغن وفيرجينيا وجورجيا وأريزونا. هذه الولايات صوّتت لمصلحة بايدن عام 2020، ويمكن لامتناع العرب والمسلمين عن التصويت، أن يقلب النتائج لمصلحة الجمهوريين عام 2024.

وبحسب استطلاع أجراه مجلس العلاقات الأمريكية – الإسلامية، فإنّ 69% من المسلمين صوّتوا لجو بايدن في العام 2020، مقابل 17% فقط صوّتوا لترامب.

ويدعو نواب ديموقراطيون تقدّميون مثل رشيدة طليب، التي هي من أصل فلسطيني، وإلهان عمر والكسندريا أوسكار- كورتيز من بين آخرين، بايدن إلى خفض التصعيد في الأزمة والدعوة إلى وقف للنار.

وتواجه شخصيات ديموقراطية انتقادات من شبان تقدميين، بسبب وقوفهم إلى جانب إسرائيل وسط الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة، بينما الديموقراطيون الشباب – الذين يحاول بايدن استمالتهم – لديهم تعاطف أكبر نحو فلسطين مما لديهم نحو إسرائيل، بحسب استطلاعات الرأي.

هذا يطرح سؤالاً مهمّاً بشأن قدرة بايدن على إيجاد توازن في سياسته حيال النزاع، ترضي الديموقراطيين التقدميين والعرب المسلمين الأميركيين من جهة، ولا تجعل الجماعات المؤيّدة لإسرائيل تتحول إلى ترامب.

وبذلك، تكون حرب الشرق الأوسط مرشحة لإحداث تأثير أكثر بكثير مما أحدثته الحرب الروسية – الأوكرانية، على السياسة الداخلية في الولايات المتحدة وعلى اتجاهات الرأي العام.

كان بايدن يراهن على أنّ وقوفه القوي إلى جانب أوكرانيا، سيعزز شعبيته من الآن وحتى موعد الانتخابات. لكن تفجّر الحرب بين إسرائيل وغزة، خلط الأوراق ووضع الرئيس الأمريكي في موقف دقيق، لاسيما وأنّه القائل إنّ “المرء لا يحتاج كي يكون يهودياً كي يكون صهيونياً”، في تعبير عن مدى تأييده لإسرائيل. ولا يفتأ يذكّر باللقاء الذي عقده مع غولدا مائير عندما كان لا يزال سيناتوراً عام 1973، وكيف شكّل ذلك اللقاء أساساً لحياته السياسية في ما بعد.

لكن عندما يتعلّق الأمر بالانتخابات ومخاطر خسارة شريحة مهمّة من الأصوات، فإنّ بايدن يواجه تحدّياً هائلاً في إحداث توازن في سياساته.

شاهد أيضاً

بأية حال تعود الانتخابات في أمريكا!

بقلم: سمير التقي – النهار العربي الشرق اليوم- كل ثلاثة او أربعة عقود، وفي سياق …