الرئيسية / مقالات رأي / لماذا ربط بايدن بين بوتين و”حماس”؟

لماذا ربط بايدن بين بوتين و”حماس”؟

بقلم: سميح صعب – النهار العربي

الشرق اليوم– أقام الرئيس الأمريكي جو بايدن ربطاً محكماً بين حربي أوكرانيا وتلك الدائرة في غزة. قال صراحة في ثاني خطاب يلقيه من المكتب البيضوي منذ دخوله إلى البيت الأبيض في 2021: “إن أمريكا لا يمكنها السماح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحماس بالانتصار”.

ورغم أن بايدن رفع لدى دخوله البيت الأبيض شعار “إنهاء الحروب الأبدية” التي خاضتها الولايات المتحدة عقب هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، يجد نفسه يقود حربين في أوكرانيا والآن في الشرق الأوسط.

يوم سحب بايدن القوات الأمريكية من أفغانستان وترك حركة “طالبان” تعود إلى السلطة، قال في معرض تبرير الانسحاب إن الولايات المتحدة خاضت 20 عاماً من الحروب في الخارج، على حساب الإنفاق على بنيتها التحتية في الداخل، لذلك مرر الديموقراطيون في الكونغرس مخصصات بمئات مليارات الدولارات لتعزيز حقول الإنتاج من أشباه الموصلات إلى الطرق والجسور والتعليم. تلك، كانت إجراءات ضرورية لدعم مكانة أمريكا الداخلية… في مواجهة الصعود الصيني أيضاً.

وبعد حرب أوكرانيا، وقف بايدن بجانب كييف، استناداً إلى أرضية أيديولوجية قائمة على عدم السماح لـ”أنظمة استبدادية بالفوز على أنظمة ديموقراطية”، وأكد أن واشنطن ستدعم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي “ما استلزم الأمر ذلك”. وبعبارة أخرى، حتى إلحاق الهزيمة بروسيا وجعلها غير قادرة على شن هجمات في المستقبل على أي من جيرانها.

وفي حرب غزة، يرى بايدن في هجوم “حماس” حرباً على السياسة الأميركية في المنطقة. أمر لا يمكن أن يسمح به ولو وجب الأمر إرسال حاملتي طائرات وتعزيزات عسكرية كبيرة إلى الشرق الأوسط، والمخاطرة بالتورط في نزاع مباشر على جبهات متعددة. ولا يتوانى بايدن عن توظيف قوة أمريكا من أجل حماية المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، تماماً كما فعل في أوكرانيا، لا بل أكثر.

يتحدث بايدن عن “حتمية” انتصار “الديموقراطيات” في مواجهة “الاستبداد” في العالم. ومحور “الاستبداد” في تعريفه يمتد من روسيا إلى الصين إلى روسيا وإيران.

في معركة كهذه لا يجد بايدن غضاضة في العودة إلى “الحروب الأبدية”، لأنها تعني الدفاع عن النظام العالمي القائم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، والذي تتحكم به الولايات المتحدة والغرب عموماً.

مشكلة بايدن ليست في أوكرانيا وغزة فحسب، بل هي مع روسيا والصين وصحوة ما يعرف بالجنوب العالمي. بكين وموسكو تقدمان نفسيهما مدافعتين عن هذا الجنوب، بما يقود العالم إلى نظام لا تحتكر الولايات المتحدة فيه القيادة. يقول بايدن في خطاب المكتب البيضوي إن “قيادة أمريكا هي ما تجعل العالم متماسكاً”. وكأنه بذلك يرد على إعلان بوتين والرئيس الصيني شي جينبينغ بعد اجتماعهما في بكين الأسبوع الماضي، أن التعاون الروسي – الصيني يقود نحو “العدالة والإنصاف الدوليين”.

هذه هي الترددات الدولية لحربي الشرق الأوسط وأوكرانيا. ومن هذه الحسابات ينطلق بايدن في قراره مساندة كييف وتل أبيب بلا حدود.

هل يمكن بايدن أن ينجح في منع قيام عالم متعدد الأقطاب؟ البعض يرى أن العالم يعيش الآن مرحلة من الفوضى، وأن هذه الفوضى هي التي تسبق بلورة النظام العالمي الجديد، الذي بات واقعاً ولم يعد في إمكان أمريكا إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. أما المتشبثون بالنظام القديم فإنهم يخوضون المواجهة الكبرى دفاعاً عن مصالحهم حتى ولو سال مزيد من الدماء في حروب ونزاعات تتفجر في أكثر من مكان في العالم.

من أوكرانيا إلى غزة والسودان وانقلابات أفريقيا المتجددة والصراع على أمريكا اللاتينية، يحتدم التنافس الدولي في خضم مواجهة لا تني تكبر يوماً بعد يوم، وتتكشف فصولها تباعاً وأحياناً بإيقاعات سريعة عصية على الاستيعاب.

شاهد أيضاً

جامعات أميركا… حقائق وأبعاد

بقلم: إياد أبو شقرا- الشرق الأوسطالشرق اليوم– «الانتفاضة» التي شهدها ويشهدها عدد من الحُرم الجامعية …