الرئيسية / الرئيسية / التصعيد في الشرق الأوسط يضع “العولمة” أمام لحظات حاسمة

التصعيد في الشرق الأوسط يضع “العولمة” أمام لحظات حاسمة

بقلم: خالد المنشاوي

الشرق اليوم- في الوقت الحالي، تحولت الأنظار نحو منطقة الشرق الأوسط التي أصبحت أحد أهم مصادر حالة عدم اليقين أمام الاقتصادي العالمي، وفي الوقت نفسه يواجه العالم قدراً هائلاً من عدم اليقين بسبب الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وهذه الصراعات لا تهدد المناطق التي تتكشف فيها فحسب، بل وربما تؤدي أيضاً إلى تآكل الترابط الضعيف الذي لا يزال قائماً بين أكبر الاقتصادات في العالم.

وخلال القرن الماضي، أصبح الاقتصاد العالمي أكثر تكاملاً، ونمت سلاسل التوريد الدولية وتقدمت التكنولوجيا بشكل كبير، مما عزز التدفق الحر للتجارة ورأس المال والمعلومات على مستوى العالم، ويعرف هذا الترابط بالعولمة، وتصاعد هذا التوجه خلال النصف الأخير من القرن الـ20 بعد إعادة توحيد ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، ثم نمت أكثر عندما أصبحت الصين قوة تجارية دولية ضخمة.

ومع ذلك، منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، يقول كثيرون، إن هذه العلاقات بدأت تضعف، سعياً لتحقيق الاستقرار في اقتصاداتها، وبدأت عديد من الدول في وضع سياسات حمائية تحاول حماية صناعاتها المحلية من المنافسة الأجنبية، وفقاً لتحليل حديث من “ويلز فارغو” يشير إلى أن تفكيك تلك الروابط الاقتصادية، يعني تراجع العولمة.

انخفاض حاد بتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر

يقول بعض الاقتصاديين، إن العولمة توقفت ببساطة، في حين يرى آخرون أنها تنعكس بشكل كامل، مع حرب التعريفات الجمركية التي شنتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب مع الصين، ووباء “كوفيد-19″، والحرب الروسية في أوكرانيا كعوامل محفزة.

وفق مذكرة بحثية حديثة، اتخذ الاقتصاديون في “ويلز فارغو”، موقفاً هبوطياً ووفقاً لهم، فإن عصر العولمة قد انتهى، وإضافة إلى ارتفاع القيود التجارية “الضارة”، فإنها تشير إلى انخفاض حاد في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في جميع أنحاء العالم.

ويقولون إن إعلان إسرائيل الحرب على قطاع غزة، يمكن أن يكون حافزاً آخر لتراجع العولمة، على رغم أن مدى ذلك لا يزال غير واضح. يقول بريندان ماكينا، المتخصص الاقتصادي الدولي في “ويلز فارغو”، “لقد بدأت العلاقات الجيوسياسية في التحسن في الشرق الأوسط، ولكن بسبب ما يحدث بين إسرائيل وقطاع غزة، يبدو أننا تراجعنا عن كثير من هذا الزخم الإيجابي، وعندما يكون لديك هذا الانقسام الجيوسياسي، فإن هذا يؤدي فقط إلى انخفاض التعاون التجاري بين البلدان، ومشاركة أقل للمعلومات، ومشاركة أقل للتكنولوجيا، وروابط أقل مع الأسواق المالية”، وأضاف “في نهاية المطاف، فهي قوة تعمل على تقليص العولمة.

وحول ما الذي سيحدد مدى تأثير الصراع على تراجع العولمة، قال “بريندان” إنه “إذا تصاعد الوضع في الشرق الأوسط، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى انقسام أكبر في المنطقة، ومن ثم ربما بين بعض الجهات الاقتصادية الرئيسة الأخرى”.

أضاف “عندما تفكر في الولايات المتحدة، تجد أن هذا البلد يدعم إسرائيل بشكل قوي للغاية، وإذا رأيت دولاً أخرى مثل الصين إما تتخذ الجانب الآخر أو لا تدعم إسرائيل صراحة أو تختار الامتناع عن التصويت، فأعتقد أن هناك احتمالاً بأن بعضاً منها وقد تتوتر الروابط التجارية بين الولايات المتحدة وتلك الدول”.

وفي ما يتعلق بالتضخم والسياسة النقدية على مستوى العالم، حال تراجع العولمة، أشارت “ويلز فارغو” إلى أنه مع تراجعها، فإن دول العالم ستكون أمام بيئة اقتصادية عالمية أقل قدرة على المنافسة، وعندما تقل المنافسة، يؤدي ذلك في النهاية إلى التضخم، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وأضاف التقرير “إذا واصلنا قيادة هذا الانهيار الاقتصادي بالعوامل الجيوسياسية، فسيكون ذلك في النهاية أمراً تضخمياً، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة، ليس فقط من بنك الاحتياطي الفيدرالي، ولكن أيضاً من البنوك المركزية الكبرى الأخرى حول العالم”.

ولن يقتصر الأمر على حصولنا على قوى مخيفة جداً من شأنها أن تقلل من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتكون بمثابة قيد على النشاط الاقتصادي العالمي، ولكن يمكنك أيضاً الحصول على سياسة نقدية أكثر صرامة نتيجة لذلك مما قد يؤدي إلى تفاقم هذه التأثيرات أيضاً.

صدمات كبرى تنتظر اقتصاد العالم

وحول إمكانية أن يكون تقليص العولمة أمراً جيداً، قال الخبراء، إنه إذا كان هناك نوع آخر من الصدمات الاقتصادية الكبرى، مثل تلك الناجمة عن الوباء، فلن تعتمد الولايات المتحدة على الصين لتوفير المواد الخام، ويمكن أن يوفر الإنتاج القريب كثيراً من الوقت في حالة حدوث صدمة ويمكن أن يوفر أيضاً كثيراً من الكلف.

وأشاروا إلى أنه، خلال عصر “كوفيد”، أوقفت الصين الإنتاج مما أدى إلى تعطيل سلسلة التوريد العالمية، وبالتالي، فإن تقليص العولمة من شأنه أن يعيد بعض الإنتاج إلى حدود الولايات المتحدة. ويمكنها أيضاً تحسين العلاقات مع المكسيك ودول أخرى، ومن الواضح أن العلاقة بين الولايات المتحدة والمكسيك في ظل إدارة ترمب كانت متوترة إلى حد ما.

ولفت التقرير إلى أنه إذا أظهرت الولايات المتحدة أنها ملتزمة العلاقات التجارية وبناء البنية التحتية ووضع الاستثمار على أرض الواقع في المكسيك، فقد يكون هذا في الواقع شيئاً يمكن أن يحسن ويعزز العلاقات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والمكسيك، لذلك، ليست هناك فائدة اقتصادية محتملة فحسب، بل ربما يكون هناك أيضاً رأس المال السياسي الذي يمكن بناؤه نتيجة لذلك.

وحول دول قطاع التكنولوجيا الحيوي في إسرائيل خلال الحرب، قالت “ويلز فارغو” إن هذا القطاع شهد نصيبه العادل من الأزمات، بدءاً من الركود المالي وجائحة “كوفيد-19” وحتى اندلاع “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بشكل دوري”، وفي كل مرة، كانت الصناعة تتعافى من جديد، مما يدل على السبب وراء تسمية الدولة التي يبلغ عدد سكانها تسعة ملايين نسمة فقط باسم “أمة الشركات الناشئة” في العالم.

لكن الحرب القائمة، قلبت الحياة اليومية رأساً على عقب بطريقة تمثل تحدياً فريداً لأهم صناعة في البلاد، وصدرت أوامر للمدارس بإغلاق أبوابها، وأصبحت الشوارع التي كانت مزدحمة في تل أبيب كونها مركز الأعمال، فارغة تقريباً وما زالت عديد من الشركات مغلقة. وعلق الرئيس التنفيذي لشركة “ستارت آب نيشين سنترال”، وهي منظمة غير ربحية تعمل على الترويج لصناعة التكنولوجيا الإسرائيلية على مستوى العالم، آفي حسون “هذا يختلف عن أي شيء واجهناه من قبل”.

المصدر: اندبندنت عربية

شاهد أيضاً

السوداني يفتتح أعمال مؤتمر العمل العربي بدورته الخمسين

الشرق اليوم- افتتح رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، صباح اليوم السبت، أعمال مؤتمر …