الرئيسية / مقالات رأي / هزة سياسية أمريكية

هزة سياسية أمريكية

بقلم: علي قباجة – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- هزة سياسية كبرى عصفت بالولايات المتحدة في الثالث من أكتوبر، تمثلت في عزل رئيس مجلس النواب، كيفين مكارثي، الذي على الرغم من امتلاكه أغلبية في المجلس، فإنها لم تشفع له؛ إذ كان ما يستدعي إطاحته أقوى مما يستدعي بقاءه. فالانقسام الجمهوري، وغضب الجناح اليميني منه، بسبب منعه الإغلاق الحكومي، بالاتفاق مع الحزب المنافس، إضافة إلى رفض الديمقراطيين استمراره في منصبه؛ لكونه قاد تحقيقاً يهدف إلى عزل بايدن، ورفضه تقديم تنازلات مقابل التصويت لمصلحتهم، كلها كانت عوامل أدت به إلى ما لم يكن يتوقعه، وهو الاستغناء عنه بتصويت 216 نائباً ضده، بينهم 208 ديمقراطيين، و8 جمهوريين، مقابل 210 نواب من الجمهوريين لمصلحة بقائه.

هذا العزل هو الأول في تاريخ البرلمان الممتد منذ 234 سنة، وهو يشي بعمق الأزمة السياسية في الولايات المتحدة، التي تطال حتى رأس الهرم، الممثل في الرئيس الأمريكي، الذي يواجه ملاحقات حول الوثائق المسربة، وقضايا تخص عائلته. وبينما يتطلب الوضع تكاتفاً لكون الانتخابات الرئاسية باتت على الأبواب، فإننا نجد الجمهوريين في حالة صراع غير طبيعية؛ إذ ثمة تصدّع مزمن في الحزب في ظل عزم ترامب الترشح للانتخابات، مع وجود ثلة رافضة له، على خلفية تعامله بعد خسارته أمام بايدن، وتشكيكه في صحة الانتخابات، إضافة إلى سلسلة اتهامات جنائية تهدد مستقبله السياسي.

القشة التي قصمت ظهر مكارثي هي إقرار مشروع قانون تمويل الحكومة الفيدرالية في 30 سبتمبر/ أيلول الماضي، رغم معارضة الجانب المتطرف في حزبه؛ إذ إنه واجه معضلة مطالب الجمهوريين اليمينيين، من ناحية، وأهمية تجنب إغلاق الحكومة من ناحية أخرى، إلا إنه استقر أخيراً على اتخاذ نهج متوازن بالتصويت لمصلحة مشروع قانون التمويل مؤقتاً، لمدة 45 يوماً، وهو ما عدّته الشريحة الجمهورية المتطرفة بقيادة مات غيتس “خيانة” تعمّق الأزمة؛ حيث طالبت بالتصويت على عزله، وهو ما كان بالفعل.

من ناحية المبدأ، لم يكن مكارثي مرغوباً فيه لقيادة المجلس، فعلاقته مع اليمين المتطرف مضطربة، وهذه المجموعة كانت «شوكة» في خاصرته؛ حيث قامت بتعطيل عملية انتخابه رئيساً لمجلس النواب؛ إذ جرت إعادة التصويت على انتخابه 15 مرة، ونجح التصويت الأخير بعد تنازلات مهمة قدمها لأعضاء هذا التيار.

هذه الاختلافات الجذرية، لن تمر مرور الكرام على المشهد الأمريكي ككل، داخلياً وخارجياً، فهي تنذر بانقسام كبير، وهو بالضرورة ما سينعكس على المجتمع ولحمته، كما تضعف سيطرة الحكومة في قضايا عدة؛ أبرزها قضية الهجرة. أما على المستوى الدولي، فإن ما حدث سيؤثر في نواح مختلفة، بينها دعم أوكرانيا، الذي رفض المجلس وضع ميزانية خاصة لمدّها بالمال والسلاح، ما قد يؤثر في الهيمنة الأمريكية على هذا الملف، ويمنح روسيا فرصة لحسم المعركة، كما أن ضغط واشنطن على الصين سيخف إلى حد بعيد، جرّاء انشغال أمريكا بانقساماتها التي قد تتزايد مع اقتراب الانتخابات.

الوضع الداخلي الأمريكي يشي بتخبط قد يحطم النفوذ الأمريكي وهيمنته على الصعد كافة، فهل بدأ نجم أمريكا بالأفول؟

شاهد أيضاً

إنصاف «الأونروا»

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث …