الرئيسية / مقالات رأي / لماذا حلف الأطلسي؟

لماذا حلف الأطلسي؟

الشرق اليوم- بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، ومن ثم تفكك حلف وارسو الذي تأسس عام 1955 كرد فعل على قيام حلف الأطلسي عام 1949، كان متوقعاً أن يتم تفكيك الحلف الغربي باعتبار انتفاء سبب وجوده الذي كان قائماً في إطار الصراع الأيديولوجي بين الشيوعية والرأسمالية، لكن ما حصل كان عكس ذلك، إذ توسع الحلف على مراحل منذ ذلك الحين رغم انتهاء الحرب الباردة بسقوط جدار برلين في 9 نوفمبر 1989، وبدأ بضم دول في شرق ووسط أوروبا كانت أعضاء في حلف وارسو، حيث قفز عدد الأعضاء من 12 دولة عند التأسيس إلى 31 دولة، كان آخرها فنلندا التي انضمت في إبريل الماضي.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا هذا التوسع رغم انتفاء السبب طالما أن التهديد المزعوم من جانب الاتحاد السوفييتي انتهى؟ ولماذا لم تلتزم الولايات المتحدة بتعهداتها بعدم التوسع شرقاً باتجاه الحدود الروسية؟

لقد عمد حلف الأطلسي بعد انهاء الحرب الباردة إلى تغيير عقيدته من كونه تحالفاً أمنياً جماعياً بهدف توفير الدفاع الجماعي المتبادل بين الدول الأعضاء في مواجهة الاتحاد السوفييتي، إلى وضع استراتيجية جديدة تقوم على محاربة الإرهاب والتهريب والقرصنة والمساهمة في تحقيق السلام، وهي أهداف تدخل في صلب عمل الأمم المتحدة المعنية بالأمن والسلام العالميين من خلال أجهزتها المتعددة.

لكن هذا القرار كان في الواقع قراراً أمريكياً بهدف الإبقاء على الحلف كذراع عسكرية لها تستخدمها وقت الحاجة، وهو ما تجلى في الغزو الأمريكي لأفغانستان بحجة محاربة تتنظيم “القاعدة” المسؤول عن تفجير البرجين في نيويورك عام 2001، ثم غزو العراق واحتلاله عام 2003، وبعد ذلك قام الحلف بشن غارات مدمرة على صربيا من 24 مارس/ آذار حتى 10 يونيو/ جزيران 1999، وفي كلا الحربين (غزو العراق وقصف صربيا) لم يصدر قرار بالموافقة من جانب مجلس الأمن، أي إنهما تما بقرار غربي من دون تفويض أممي. وفي عام 2011 قام الحلف بفرض حظر جوي فوق ليبيا، ثم تدخل عسكرياً في 19 مارس/ آذار بمشاركة الطائرات الحربية والبوارج بحجة حماية المدنيين من الهجمات التي تقوم بها القوات الليبية، وصولاً إلى وضع نهاية لنظام العقيد معمر القذافي.

كل هذه العمايات العسكرية في أفغانستان والعراق وصربيا وليبيا انتهت بكوارث هائلة من حيث حجم الخسائر البشرية والدمار الذي لحق بالبنية التحتية، إضافة إلى الفوضى واتساع العنف والتطرف، وهي شواهد قائمة في هذه الدول التي لا تزال تعاني الآثار التي تركها التدخل العسكري الأطلسي.

وفي أوكرانيا يدخل حلف الأطلسي بكل قواه العسكرية في مواجهة روسيا في محاولة لهزيمتها، من أجل محافظة الولايات المتحدة على قيادة النظام الدولي، ومنع قيام نظام دولي جديد متعدد الأقطاب أكثر عدالة، بالتزامن مع محاولات فرض حصارعسكري واقتصادي على الصين لمنعها من الصعود والمشاركة في النظام الجديد.

لكل ذلك بقي حلف الأطلسي أداة عسكرية أمريكية ضاربة في خدمة استراتيجيتها العالمية.

شاهد أيضاً

لبنان- إسرائيل: لا عودة الى ما قبل “طوفان الأقصى”

بقلم: علي حمادة- النهار العربيالشرق اليوم– تسربت معلومات دبلوماسية غربية الى مسؤولين لبنانيين كبار تشير …