الرئيسية / مقالات رأي / الأمم المتحدة والتحديات

الأمم المتحدة والتحديات

بقلم: ناجي شراب – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- جاء تشكيل الأمم المتحدة بعد حربين كونيتين وفشل عصبة الأمم في الحيلولة دون اندلاع الحرب العالمية الثانية بسبب سيادة منطق القوة، بهدف الحيلولة دون اندلاع حرب عالمية ثالثة، وذلك بهدف حفظ السلام والأمن العالميين.

 بدأت الأمم المتحده ب 45 دولة، وكانت أول دورة للجمعية العامة في لندن عام 1946، واليوم تعقد الدورة 78 وعدد أعضاء الأمم المتحدة بلغ 193 إضافة إلى الفاتيكان وفلسطين كدولتين مراقبتين.

 جاء اجتماع الجمعية العامة لهذا العام وسط توترات وتحديات كبيرة تهدد الهدف الرئيسي الذي من أجله قامت الأمم المتحدة وهو حفظ السلام والأمن العالميين. وتشكل الجمعية العامة إحدى المؤسسات الست التابعة للأمم المتحدة كمنتدى سياسي يلتقى فيه قادة العالم حيث يلقون خطاباتهم ويعرضون رؤاهم للعالم الذي ينشدونه ولما يتعرضون له من مشاكل ومخاطر. وفي هذه الدورة حضر 140 من قادة الدول بغياب قادة روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا. والمفارقة أنهم من أعضاء مجلس الأمن الدائمين، وهي ظاهرة سلبية تعكس عمق التحديات والمخاطر التي تواجه السلام والأمن العالميين وتشكك في مصداقية القرارات. وعلى مدار دوراتها شهدت الأمم المتحدة تحديات ومواقف كثيرة عكست ماهية النظام الدولي وطبيعة الصراعات العالمية.

 لقد تزامنت نشأة الأمم المتحدة مع بروز ثنائية النظام الدولي والحرب الباردة بين القطبين الأمريكي والسوفييتي والذي انعكس على عدد المرات التي لجأ فيها كل منهما لحق النقض في مجلس الأمن، ولما لذلك من انعكاسات على دور الأمم المتحدة. ثم جاءت مرحلة الأحادية القطبية التي بدأت مع انهيار الإتحاد السوفييتي عام 1991 والتي استمرت حتى يومنا، حيث دخلنا مرحلة ثالثة من الصراع بين الولايات المتحدة والصين وروسيا والدعوة لنظام القطبية التعددية، ثم برز دور التكتلات الدولية مثل البريكس ومجموعتي العشرين وال77.

 ولا شك في أن لقاءات قادة العالم تحت ما يعرف باللقاءات الدبلوماسية السريعة تسهم في لقاءات ثنائية بين قادة العالم بهدف الوصول إلى تفاهمات ثنائية بينهم.

 ومن المفارقات التي شهدتها دورات الجمعية الأخيرة، أنها كانت فرصة لبعض القادة ليعبروا عن مواقف بلدانهم ويتجاوزوا المسموح لهم في حدود إل 15 دقيقة لكل رئيس، لكن لم يصل تمديد الوقت مثلا إلى ما وصل إليه الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي عام 2009، حين استغرقت كلمته أكثر من ساعة ونصف الساعة ما دفع عددا من المندوبين للخروج، واتهم فيها الدول الكبرى بخيانة مبادئ ميثاق الأمم المتحدة قبل أن يقوم بإلقاء نسخة من الميثاق على الأرض. ومن قبله استغرقت كلمة الزعيم الكوبي فيديل كاسترو أربع ساعات ونصف الساعة في دورة 1960، وما قاله الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز في دورة 2006 واصفاً الرئيس الأمريكي جورج بوش بأنه “الشيطان”.

 ريتشارد غوان من مجموعة الأزمات الدولية وصف خطابات القادة بأنها “مطولة ومملة وعديمة القيمة.. وأن القادة لا يستمعون لخطابات بعضهم”. ورغم كل ذلك تبقى الأمم المتحدة وعبر الجمعية العامة هي الهيئة العالمية الوحيدة التي يلتقي خلالها هذا العدد من القادة في سبتمبر من كل عام.

 وفي هذه الدورة تعددت الملفات من التغير المناخي والفقر والتنمية المستدامة والصحة والمياه النظيفة والتعليم ومناقشة قضايا السلام والأمن. إلى جانب وظيفة الجمعية في تعيين الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن وأعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي، والمشاركة مع مجلس الأمن في اختيار قضاة المحكمة الدولية، ومساءلة أعضاء مجلس الأمن عن كثرة استخدام حق النقض.

 كان هدف هذه الدورة تنفيذ الأهداف إل 17 للتنمية المستدامة لعام 2030 والتي عرقلت تنفيذها الأزمات المناخية والحرب الأوكرانية ووباء كورونا، ومناقشة خطة الأمين العام بتخصيص 500 مليار دولار سنوياً حتى 2030. ورغم هذه الطموحات تبقى قدرة الأمم المتحدة ودورها مرهوناً بإرادة الدول الأعضاء في مجلس الأمن الخمس الدائمين والذين يحتكرون حق النقض.

 ويبقى تحدي السلام في أوكرانيا ووقف هذه الحرب، والسلام في فلسطين من أهم التحديات التي تواجه الأمم المتحدة. وهنا تعلو الأصوات المطالبة بالإصلاحات في بنية ودور الأمم المتحدة وتوسيع صلاحياتها وزيادة أعضاء مجاس الأمن الدائمين. لكن تبقى الإصلاحات دعوة للمثالية في عالم تحكمه القوة ومصالح الدول.

شاهد أيضاً

لبنان- إسرائيل: لا عودة الى ما قبل “طوفان الأقصى”

بقلم: علي حمادة- النهار العربيالشرق اليوم– تسربت معلومات دبلوماسية غربية الى مسؤولين لبنانيين كبار تشير …