الرئيسية / مقالات رأي / الخلافات المتصاعدة داخل الأمم المتحدة تهدّد مستقبل التنمية في العالم

الخلافات المتصاعدة داخل الأمم المتحدة تهدّد مستقبل التنمية في العالم

 المصدر: خالد العزي – النهار العربي

الشرق اليوم- يُطلب من زعماء المجتمع العالمي إيجاد شكل جديد من أشكال الحلول الاقتصادية للعالم، اعتباراً من 19 ايلول (سبتمبر) 2023، في إطار الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة. بالإضافة إلى مجموعة من القضايا الحالية المدرجة على جدول الأعمال، منها إمكان عقد قمّة إنقاذية للعالم قبل القول وداعاً لقمّة المستقبل عام 2024، وهذا الاجتماع الرفيع المستوى هو لتحديد آفاق التنمية وليس فقط تطورها الحالي، ولكن أيضاً في الواقع بقاء البشرية جمعاء.

 وهي الفكرة التي تمّ تصوّرها قبل عامين، ففي المرحلة الأولى من مناقشتها واجهت الكثير من العقبات المتوقعة تماماً لدى القادة. وقد عارض العديد من الدول مشروع الاتفاق لعقد مثل هذه القمّة، معتبرةً أنّه تحويل للأموال والجهود عن تنفيذ أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، والتي هي في معظمها إعلانات شفوية.

من الواضح أنّ المجتمع الدولي يعاني من انعدام ثقة متزايدة بين الدول نفسها تجاه بعضها بعضاً وتجاه أنشطة الأمم المتحدة، إذ تسعى كل دولة إلى حماية مصالحها الوطنية حصراً. على العكس من ذلك، يعتقد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنّه فقط من خلال العمل معاً (والأفضل من ذلك تحت رعاية الأمم المتحدة حصرياً) يمكننا حلّ أهم المشاكل التي تواجه البشرية اليوم.

لن تستطيع هذه القمّة وضع الأسس والآليات للقمّة المقبلة التي تحمل شعار التنمية الإنسانية، وهي متشكّكة بشكل واضح، فإما أنّه لا ينبغي عقدها على الإطلاق، أو أنّ هياكل مثل مجموعة السبع والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي سوف تعمل بسرعة على إضعاف أي قرارات يتمّ اتخاذها في هذه القمّة.

إنّ الدعوات إلى تعزيز الثقة بين البلدان تبدو أشبه بالتمنيات الطيبة والمستحيلة. فلقد تجلّى مستوى “الثقة” بين دول العالم بوضوح من خلال قمّة مجموعة العشرين الأخيرة في الهند.

فهل ستحتفظ الأمم المتحدة بدورها التوحيدي الأسمي البحت على الأقل في العالم؟ وهل يتمّ التوافق على إجراء إصلاح كامل للنظام الحالي للعلاقات الدولية بأكملها؟ وهل تتمكن دول مثل بوركينا فاسو والنيجر وروسيا والصين من القيام بذلك مهما أرادت؟ طبعاً لا، لأنّ توجّهات هذه الدول ايضاً مشكوك فيها، ولن تستطيع التعامل مع دول الأغلبية  في تعزيز دور حفظ السلام على المستوى الدولي لأنّ طموحاتها هي التغيير الجيوسياسي ولبعضها التبعية لمحور آخر.

 الثقة مفقودة أيضاً بدور الأمم المتحدة ونشاطاتها في كل الدول، وفي الوقت نفسه هذه الدول لا تمارس الضغوط التي تجعلها دولاً محقّة في رفع مطالبتها والعمل على بناء أحلاف للتغيير من قِبل المنظمات الدولية.

ويتمّ اليوم إغلاق بعثات الأمم المتحدة في إفريقيا الواحدة تلو الأخرى، بسبب مطالب الحكومات المحلية وانعدام الثقة في أنشطتها. إذاً، لا يمكن توقّع الوصول إلى نتائج جدّية من خلال التوافق على عقد هذه القمم التي ستكون من دون جدوى ولا أحد ينفّذ بنودها .

رغم أنّ قيادة الدول النامية على حق عندما تزعم أنّ النظام الحالي للعلاقات الدولية برمته غير عادل تماماً، ويسيطر عليه الغرب لتحقيق مصالحه الخاصة. والأهم من ذلك كله، أنّ وعود الدول الغربية بتخصيص الأموال للمساعدة تظلّ مجرد كلمات فارغة. لكن في المقابل الدول الأخرى التي تعارض هذا التوجّه لم تكن في لحظة قريبة من هذه الدول، بل كانت غائبة ومغيّبة لدورها بالكامل، لكن عندما تعارضت مصالحها باتت تشير إلى الإشكالية الدولية في المنظمات الدولية ومنظمة الأمم المتحدة والحرمان الذي تعيشه البلدان النامية.

فإذا تحدثنا عن التمويل العالمي، فإنّ البنك الدولي وصندوق النقد الدولي منذ اليوم الأول لوجودهما، يعملان حصرياً لمصلحة الغرب. وكل محاولات الصين لتحقيق توزيع أكثر عدالة لا يبتعد عن مصالحها الخاصة للوصول إلى السلطة وتثبيت النفوذ من خلال فلسفتها القائمة على الاقتصاد وليس الحروب، بينما ترى روسيا انّ عليها تغيير القانون الدولي الجديد، وربما كانت محاولتها في حرب أوكرانيا قائمة على معادلة العودة إلى القطبية من البوابة الحربية، باعتبار انّ القانون الدولي الحالي قد فشل، فإنّ إصلاح هذه الهياكل كما يدعو إليه الأمين العام للأمم المتحدة أمر مستحيل بكل بساطة، لأنّه غير مخوّل إدارة هذه العملية. وأولئك الذين أنشأوا النظام المالي العالمي الحالي لا يعتزمون على الإطلاق التخلّي عن دوره المهيمن في العالم.

إنّ الرغبة في ضمان التنمية المستقرة لبلدان الجنوب العالمي من دون رغبة بلدان الشمال المتقدّم أمر مستحيل من حيث المبدأ. وإذا كان لدى شخص ما مثل هذه الرغبة، فهذا طريق مباشر لتقليل مستوى معيشة سكان هذا الشمال. وبناءً على ذلك، هناك مرة أخرى طريق مسدود حتى بالنسبة إلى أفضل النوايا.

وبشكل منفصل، يجدر بنا أن نتحدث عن الطلب الذي فرضه الغرب قسراً على كل البلدان الأخرى، بإنهاء استخراج المعادن الملوثة. وزعم أنّها تسبّب زيادة في متوسط درجة الحرارة على الكوكب، وبمساعدة برامج البنك الدولي، سيستمر دفع هذا المخطّط خلال قمّة المستقبل.

شاهد أيضاً

الأردن: معركة محور التّطرف!

بقلم: محمد صلاح – النهار العربي الشرق اليوم- ليس سراً أن مصر والأردن خسرا كثيراً …