الرئيسية / مقالات رأي / مصير “صفقة الحبوب”

مصير “صفقة الحبوب”

بقلم: مفتاح شعيب – صحيفة الخليج

الشرق اليوم– يبدو أن القمة التي جمعت الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان لم تسفر عن نتيجة واضحة بشأن استئناف العمل بصفقة تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، كما أن التصريحات التي أعقبت القمة تركت الباب موارباً أمام التأويلات والمواقف، فقد وضع بوتين شرطاً يتعلق برفع العقوبات الغربية على بلاده مقابل العودة إلى الصفقة، بينما دعا أردوغان أوكرانيا إلى تقديم تنازلات، وقال إنه بصدد إعداد “مقترحات جديدة” مع الأمم المتحدة للحصول على نتائج.

 تؤكد تصريحات الرئيسين عدم التوصل إلى إحياء الصفقة المتوقفة منذ أشهر، وقد يأخذ الأمر بعض الوقت إلى ما بعد انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر هذا الشهر، وربما سيتطلب الأمر تقديم القوى الغربية الداعمة لكييف تنازلات لروسيا، ولكن في ظل جمود العمليات العسكرية وتعثر الهجوم الأوكراني المضاد، فإن الغرب لا يميل إلى الاعتراف بالفشل وسيعمل على ضخ مزيد من الدعم إلى كييف والضغط على موسكو، على أمل أن يحدث شيء ما.

 في قمة سوتشي مع أردوغان، قال بوتين إن الهجوم الأوكراني مني بالفشل، وقبل ذلك بأيام رصد 20 مليار دولار لتنمية المناطق الأربع، لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزابورجيا، التي ضمتها موسكو، وهي خطوة استفزت كييف وداعميها، وجاءت في وقت يتم فيه الرهان على تحقيق مكاسب ميدانية في الهجوم الأوكراني المضاد الذي يتعثر، حسب الوقائع الميدانية، وهو فاشل في تقييم القيادات الروسية.

 صفقة الحبوب المجمدة جزء من الصراع الدائر بين روسيا والغرب، وحلها النهائي لن يتم إلا وفق مقاربة شاملة، إن وجدت، حول الأزمة الأوكرانية، هذه المقاربة متعذرة في المدى المنظور لأن سباق الاستنزاف المتبادل من جميع الأطراف لم يبلغ خط النهاية. وبينما يتحصن الروس خلف خطوطهم الدفاعية الشائكة، يستمر إنهاك القوات الأوكرانية بالضربات الجوية وامتصاص الهجمات البرية. أما التسليح الغربي الذي يأخذ منحى تصاعدياً وصولاً إلى مقاتلات “إف 16” وقذائف اليورانيوم المنضب، فلم يحدث النتائج المرجوة، ومع امتداد الأزمة أصبح عبئاً مزمناً على دول “الناتو”، فحجم السلاح الذي وصل إلى أوكرانيا لم يضخ في أي معركة بأوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وليس هناك ما يشير إلى أن هذا الطريق سيحقق أهدافه، حتى وإن طال الصراع سنوات أخرى.

 إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي تعتبر المعركة في أوكرانيا مصيرية لنفوذها وسطوتها على أوروبا، بدأت تشعر بخيبة أمل، وتتكثف عليها الضغوط مع اقتراب موسم الانتخابات الرئاسية في ظل العودة المرتقبة للرئيس السابق دونالد ترامب إلى السباق. وأمام هذا الوضع بدأت وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية تضج بالتذمر من طول الحرب في أوكرانيا، وبدأت بعض الأصوات تميل إلى دفع كييف للدخول في مفاوضات مع موسكو، وربما في السياق يمكن فهم موقف الرئيس الروسي من صفقة الحبوب، وتحميله نظيره التركي جملة من المطالب والشروط لإعادة تفعيلها. ورغم عدم وجود مؤشرات على نهاية قريبة، فإن مسار المفاوضات سيأتي حتماً، لكنه سيكون مختلفاً وبعيداً عما يتردد اليوم من جميع الأطراف، لأن هناك معطيات كثيرة ستكون على الطاولة، وتلك حرب أخرى.

 

شاهد أيضاً

جامعات أميركا… حقائق وأبعاد

بقلم: إياد أبو شقرا- الشرق الأوسطالشرق اليوم– «الانتفاضة» التي شهدها ويشهدها عدد من الحُرم الجامعية …