الرئيسية / مقالات رأي / لبنان وحوار الضرورة

لبنان وحوار الضرورة

بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- على الرغم من الجدل الذي أثارته دعوة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إلى حوار مشروط زمنياً بسبعة أيام، تعقبه جلسات برلمانية مفتوحة، لانتخاب رئيس جديد للبلاد، وسواء كان منسقاً مع دعوة مماثلة أطلقها المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، أو غير منسق، فإن الحوار، من حيث المبدأ، يبقى ضرورة وطنية، لحل معضلة الفراغ الرئاسي.

 وعلى الرغم من أن هذه الدعوة تجمع بين مواقف الكتل السياسية الرافضة أصلاً للحوار والمؤيدة له، فإنها تسببت بإحراج القوى التي تُسمي نفسها ب”السيادية” أو قوى المعارضة؛ من حيث كونها تثبت مطلبها الأساسي بعقد جلسات برلمانية متواصلة حتى يتم انتخاب “الرئيس”، لكنها تضعف حجتها برفض الحوار، لكونه قُيد بفترة زمنية قصيرة، ما قد يضعها في خانة المعرقلين لانتخاب “الرئيس”، وإطلاق عجلة الإصلاحات، وإنقاذ البلاد من الأزمات التي تعصف بها.

 فعلى مدار أكثر من عشرة أشهر، عقد البرلمان اللبناني 12 جلسة انتخابية، أخفقت كلها في انتخاب رئيس للجمهورية، على خلفية نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي منعت أي كتلة برلمانية منفردة من الحصول على أغلبية قادرة على إيصال مرشحها إلى منصب الرئاسة. ولعل جلسة 14 يونيو/ حزيران الماضي، وهي الأخيرة حتى الآن، أثبتت أن موازين القوى الداخلية القائمة حالياً لن تسمح بإيصال مرشح بعينه من دون توافق وطني، وبالتالي فإن تمسك قوى المعارضة بالذهاب إلى جلسات انتخابية مفتوحة لن ينتج شيئاً. وهو ما يجعل من الحوار الداخلي ضرورة وطنية لا غنى عنها، للتوافق على مرشح للرئاسة، يفتح الطريق لإنقاذ البلاد. وليس عبثاً أن المبعوث الفرنسي الذي يفترض أن يعود إلى بيروت أواسط الشهر الحالي، وضع الحوار الداخلي في صلب حركته السياسية، إدراكاً منه بعد جولتين استطلع خلالهما آراء مختلف القوى السياسية، أنه من دون توافق وطني، لا يمكن انتخاب “رئيس”.

 صحيح أن لودريان كان خلال الجولتين السابقتين يتبنى ما سُمي ب”المبادرة الفرنسية” التي تدعم إيصال رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية إلى منصب الرئاسة، إلا أنه كان يدرك أهمية التقاطعات الدولية والإقليمية، ومدى تأثيرها في لبنان، وبالتالي فقد سارع إلى تعديل الموقف الفرنسي، لكي ينسجم مع موقف دول “اللقاء الخماسي” المعنية بالأزمة اللبنانية. وهو ما ظهر جلياً من خلال الأسئلة التي وجهها عبر السفارة الفرنسية في بيروت إلى النواب اللبنانيين، والتي يطلب فيها تصورهم لمواصفات الرئيس وأولويات أجندته المستقبلية. ومعروف أن قوى المعارضة، التي تتكل تاريخياً على الدور الفرنسي، رفضت الإجابة عن تلك الرسائل، حتى أن بعضها ذهب إلى حد اتهام فرنسا بالتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية.

 من الواضح، أن الأيام المقبلة ستشهد ضغوطاً مكثفة لتذليل عقبة الاستحقاق الرئاسي الذي أنهك الجميع، ولكن ماذا لو تغيرت المعادلة الداخلية عبر تنازلات متبادلة بين أطراف لبنانية بعينها، كما يتبدى من تصريحات جهات كثيرة، أليس من الأفضل التوصل إلى توافق وطني بدلاً من فرض هذا الطرف أو ذاك موقفه على الطرف الآخر؟

شاهد أيضاً

أميركا إذ تتنكّر لتاريخها كرمى لعينيّ نتنياهو

بقلم: راغب جابر- النهار العربيالشرق اليوم– فيما تحارب إسرائيل على أكثر من جبهة، تزداد يوماً …