الرئيسية / مقالات رأي / “بريكس+”.. بداية نهاية الهيمنة

“بريكس+”.. بداية نهاية الهيمنة

بقلم: محمود حسونة – الشرق اليوم

الشرق اليوم-الدول مثل الأفراد، قد ترضخ للهيمنة بعض الوقت إنما لا يمكن أن تتقبلها كل الوقت، وكلما ازدادت الدولة المهيمنة عجرفة وإثارة للفتن وتهديداً للسلام وتحكماً في الاقتصاد الدولي وفرضاً للعقوبات على المختلفين معها سياسياً وتغييراً للأنظمة غير المنصاعة لإرادتها وتحريضاً لطوائف على طوائف وعرقيات على عرقيات وشعوب على شعوب، أصبح ذلك دافعاً للتمرد عليها وخلق تكتلات هدفها الحد من التدهور الاقتصادي الذي اجتاح العالم.

الولايات المتحدة هيمنت على الكثيرين بدولارها الذي ارتضاه العالم عملة عالمية بعد الحرب العالمية الثانية منذ توقيع 44 دولة على اتفاقية “بريتون وودز” والتي أجلست العملة الأمريكية على عرش المعاملات التجارية الدولية وأرست نظاماً عالمياً له مؤسساته يتيح لها التحكم في العالم اقتصادياً.

 منذ الحرب العالمية الثانية، والولايات المتحدة تسعى لفرض هيمنتها على العالم، وتشكل التحالفات وفق مصالحها، تتدخل في الشؤون الداخلية لمعظم دول الكوكب، تجوب أساطيلها البحار والمحيطات، وتفتت دولاً وتصنع أزمات وتشعل الحروب. شكلت حلف الناتو ليكون أداتها مع حلفائها في مواجهة الشرق، وشكلت مجموعة السبع لتتحكم في الصناعة والتجارة العالمية. لم يهدأ لها بال حتى تفكك الاتحاد السوفييتي لتصبح القوة العظمى الوحيدة، ولم تكتف بذلك بل خلقت لوريثته روسيا أزمات وأزمات مع جيرانها الدول السوفييتية السابقة التي تم استقطاب كثيرها إلى المعسكر الغربي، وكانت أوكرانيا آخر الأزمات والتي يخوض الغرب بأسلحته وعتاده حالياً حرباً مع روسيا على أرضها.

 وعندما علا نجم الصين وبدأت نهضتها الاقتصادية والتقنية حاولت واشنطن أن تحد من انطلاقتها، وتتدخل في شؤونها من البوابة التايوانية. وفي ظل سيل العقوبات التي تهدد بها أمريكا أحياناً وتفرضها أحياناً، كان طبيعياً أن تسعى قوى عالمية جديدة لتشكيل تحالف يخفف من وطأة تحكم أمريكا وعملتها في الاقتصاد العالمي ويفتح آفاقاً جديدة لتيسير التجارة العالمية. في عام 2009 ولدت منظمة “بريك”، من الصين وروسيا والبرازيل والهند، وفي العام التالي انضمت جنوب إفريقيا ليتغير الاسم إلى “بريكس”.

وبعد الحرب الروسية الغربية على أرض أوكرانيا، وما نجم عنها من تدهور في الاقتصاد العالمي تحولت “بريكس” إلى الأمل الذي يمكن أن يحد من أزمات العالم، وتقدمت لعضويتها 40 دولة. وفي قمة بريكس الأخيرة في جنوب إفريقيا أعلن الرئيس الجنوب أفريقي الموافقة على دعوة 6 دول للانضمام لعضويتها من يناير 2024. الدول الست هي الإمارات ومصر والسعودية والأرجنتين وإيران وأثيوبيا، و”بريكس” أصبحت “بريكس +”، ومن يتأمل أسماء هذه الدول يجدها متنوعة الاقتصاد، وبينها ثلاث دول عربية.

 إن التحرك لضم هذه الدول بدأ مبكراً بالسعي لتصفية الخلافات السياسية بينها لتبدأ مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي، ولعل توقيع الاتفاق السعودي- الايراني على طي صفحة الخلاف واستئناف العلاقات الدبلوماسية برعاية صينية كان أولى الخطوات لضم الدولتين إلى بريكس، كما أن استئناف المفاوضات بين مصر وأثيوبيا بشأن سد النهضة خطوة أيضاً على طريق إنهاء الأزمات بين دول المجموعة، وأن الأيام المقبلة قد تشهد حلاً للخلافات الصينية الهندية، حتى تتمكن “بريكس +” من تحقيق أهدافها في وضع نهاية لأزمة هيمنة القطب الأوحد.

 الأهداف المرجوة لن تتحقق بين عشية وضحاها، وتشكيل خريطة اقتصادية جديدة للعالم يستلزم توافقاً سياسياً بين دول المجموعة، والنجاح في مجابهة مجموعة السبع يحتاج إلى وقت وجهد، وانهاء زمن هيمنة الدولار على التجارة العالمية لن يتحقق بإحلال عملة قائمة محله، بل يحتاج إلى عملة جديدة تتوافق عليها دول المجموعة حتى لا تنتهي الهيمنة الحالية بهيمنة جديدة على الاقتصاد العالمي. المشوار طويل، والأمل سيتحقق طالما توافرت الإرادة لدى زعماء المجموعة لإضافة أعضاء جدد والعمل سوياً على تشكيل عالم جديد متعدد الأقطاب، محدود المطامع، يستهدف العمل والتعاون لصالح أمن وسلام واستقرار البشرية.

شاهد أيضاً

أيهما أخطر؟

بقلم: محمد الرميحي – النهار العربي الشرق اليوم- جاء الزمن الصعب لنسأل أنفسنا: أيهما الأكثر …