الرئيسية / مقالات رأي / مسارات واتجاهات العلاقات اللبنانية الإسرائيلية

مسارات واتجاهات العلاقات اللبنانية الإسرائيلية

بقلم: طارق فهمي- الاتحاد
الشرق اليوم– تتجه العلاقات بين إسرائيل والداخل اللبناني نحو مزيد من التأزم، لا تتوقف عند إطلاق التصريحات السياسية، والتي ترتبط بإعلان الجيش اللبناني عدم اعترافه بالخط الأزرق الموجود داخل مزارع شبعا المحتلة إسرائيلياً الذي سبق أن حددته الأمم المتحدة جنوب لبنان، باعتبار أن الخط الأزرق هو خط انسحاب وليس ترسيم، أو تثبيت حدود، ولا يعد الخط حدودًا دولية لكنه أنشئ بهدف التحقق من الانسحاب الإسرائيلي من لبنان.
تزامن ذلك مع رفع حالة الاستعداد من قبل القوات الإسرائيلية قرب خط الانسحاب في مزارع شبعا، وفي ظل الإعلان اللبناني عن أن قرية الغجر ومزارع شبعا أراض لبنانية، وأن على العالم إلزام إسرائيل بالانسحاب من الجزء الشمالي لقرية الغجر الذي ضمته، وإلزام إسرائيل بتطبيق القرار 1701 والانسحاب من الشطر الشمالي لقرية الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا نقطة الـB1.
وقد تزامن ذلك مع إنهاء إسرائيل مؤخراً مرحلة تثبيت سياج حديدي لتضم من خلاله كامل الجزء الشمالي اللبناني من قرية الغجر الحدودية، وهو ما انتقده «حزب الله»، واعتبره ضمن إجراءات أخرى في القسم اللبناني من بلدة الغجر الحدودية، الأمر الذي أدى لفصلها –وفقا لرؤية الحزب – عن محيطها الطبيعي التاريخي، وبما يمثل هذه الإجراءات احتلالًا للقسم اللبناني من البلدة بقوة السلاح وفرض الأمر الواقع. ويرتبط ما يجري لبنانيا وإسرائيليا بعدة تطورات مفصلية:
أولها: أن هناك تراضياً غير مباشر من قبل الأطراف الشيعية تجاه إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه منطقة الجليل في شمال إسرائيل، وأن هذا لا يعني أن «حزب الله» على توافق مع حركة «أمل» بهذا الشأن، بمقدار ما يشير إلى وجود تباين بينهما، إذ رأيا عدم إظهاره للعلن لقطع الطريق على الدخول في جدال يمكن أن ينعكس سلباً على الساحة الجنوبية، فحركة «أمل» لا تبدي قبولا لما يجري، ولا توفر الغطاء السياسي للتوقيت الخاطئ الذي أملى على الطرف الفلسطيني إطلاق الصواريخ الذي يشكل خرقاً للقرار 1701.
ثانيها: إعلان الجيش الإسرائيلي على أنه على أتم الاستعداد لمواجهة أي تهديد في الشرق الأوسط، لكنه يعمل على عدم نشوب حرب، ولديه وسائل كافية لنزع الفتيل برغم وجود تقييمات إسرائيلية بأنه في حال نشوب حرب سيبدأ «حزب الله» المواجهة بإطلاق 5 – 6 آلاف صاروخ في اليوم ثم يخفضها تدريجياً مع التوقع أن تتطور زيادة الحوادث على الحدود الإسرائيلية اللبنانية لتتصاعد إلى سيناريو حرب شبه كاملة ضد حزب الله، وعدم استبعاد إمكانية مشاركة الفصائل الفلسطينية في غزة والضفة الغربية في المواجهة، مما يعرض أمن إسرائيل لتهديدات متعددة من عدة جبهات في توقيت واحد، مع التخوف بشكل خاص من تصعيد داخل مناطق عرب 48.
ثالثها: برغم ما يجري على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية، فإن التحركات الإسرائيلية عند الحدود ستبقى مستمرة، وستكثف لكن الحكومة الإسرائيلية – وفي ظل وضعها الراهن واستمرار حالة التظاهرات- ليس في مقدورها أن تشن حربا، أو أن تكون هي المبادرة في الحرب على لبنان. فإسرائيل لديها في الوقت الراهن مشاكل في الداخل السوري مع روسيا، خاصة أن الجانب الروسي أبلغ إسرائيل برغبته في تفعيل النظام الدفاعي الجوي الروسي، مع ملاحظة أنه منذ عدة أسابيع، وحتى الآن إسرائيل لم تقصف سوريا إلا مرة واحدة، وذلك يعود إلى استئناف المناورات الروسية السورية المشتركة على الأراضي السورية، وفرضت واقعا مستجدا والرسالة المهمة إلى إسرائيل. رابعها: تدير حكومة لبنان مفاوضات دبلوماسية مكثفة، تشارك فيها الولايات المتحدة وفرنسا من أجل تحييد تهديد الحرب مع التأكيد على أن إيران – باعتبارها طرفاً رئيسياً فيما يجري – غير معنية بفتح جبهة مواجهة جديدة في لبنان بالتحديد، في الوقت الذي تقوم فيه بتحسين علاقاتها السياسية مع الدول العربية.
وقد تزامن مع التطورات اللبنانية الإسرائيلية الجارية دخول أطراف مهمة على خط الوساطة للتقريب بين الطرفين حيث تشارك فرنسا في جهود الوساطة بين إسرائيل، و«حزب الله» لمنع التصعيد على الحدود الشمالية لإسرائيل بهدف تهدئة الوضع على الحدود لتجنب الصراع، كما ارتبط ذلك بتحرك أميركي لافت في إبرام اتفاق تاريخي لترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان تحت غطاء مرافقة بدء أعمال الحفر، التي من المقرر أن تبدأ في الفترة المقبلة المربع رقم 9، والخوض في عملية ترسيم الحدود البرية مع إسرائيل، بهدف التوصل إلى اتفاق ترسيم الحدود بين الجانبين.
وفي المجمل فإن إسرائيل لا تريد مواجهة في لبنان، كما أن «حزب الله» لديه حساباته التي تدفعه لاستمرار الوضع الراهن في إطار التجاوب، واستمرار إستراتيجية الردع والردع المقابل.
*أكاديمي متخصص في الشؤون الاستراتيجية

شاهد أيضاً

جامعات أميركا… حقائق وأبعاد

بقلم: إياد أبو شقرا- الشرق الأوسطالشرق اليوم– «الانتفاضة» التي شهدها ويشهدها عدد من الحُرم الجامعية …