الرئيسية / مقالات رأي / ما حقيقة التوافقات والتجاذبات داخل الحكومة الإسرائيلية؟

ما حقيقة التوافقات والتجاذبات داخل الحكومة الإسرائيلية؟

بقلم: طارق فهمي- العين الإخبارية
الشرق اليوم– تتفاعل الأحداث سريعا داخل الحكومة الإسرائيلية ما بين شد وجذب حول عدد كبير من السياسات الحزبية والحكومية الداخلية،

وكذلك السياسات المتعلقة بالتعامل مع السلطة الفلسطينية، ولبنان وسوريا والإطار الإقليمي، ومحاولة القفز على ما تواجهه الحكومة من فشل، وتحاشي اتهامها بالتقصير، والانشغال بقضايا الإصلاح القضائي التي شغلت الرأي العام لعدة أسابيع، ولا تزال لم تحسم حتى الآن.

الواضح جليا أن الخلافات الراهنة بين الوزراء خاصة وزير المالية سموتريتش، والأمن الداخلي إيتمار بن غفير تتصدر الواجهة السياسية والإعلامية بصورة مبالغ فيها، وكأن في إسرائيل حكومتين الأولي يمثلها رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي نتنياهو والأخرى لحكومة المستوطنين يمثلها الوزيرين، مما قد يعمق الخلافات الحزبية، وتداخل السياسات المطروحة سواء داخليا، أو تجاه الجانب الفلسطيني.

والواقع الحقيقي لا علاقة له بما يجري انطلاقا من معطى رئيسي بأن الحكومة بمكونات ائتلافها حكومة متماسكة وقوية، ولا تواجه أزمة مفصلية يمكن أن تهدد استمرارها في الوقت الراهن، وفي ظل ائتلاف قوي يديره رئيس الوزراء نتنياهو، ويمسك بمقاليده بصورة جيدة برغم ما يتردد على نحو معاكس في الإعلام الإسرائيلي الذي يتعامل مع الواقع الراهن على أنه خلاف حقيقي ومؤثر، وأن المعارضة بل وبعض أعضاء الائتلاف حاضرة في المشهد السياسي، وهذا أمر غير صحيح.

فالمعارضة الإسرائيلية هشة وضعيفة وليس لديها رؤية، أو مقاربة للحكم، ولا تريد الدخول على خط التفاعل مع ما يثار شعبيا، وبناء استراتيجية قوية لفك الائتلاف الراهن، والتحرك في مسار إجراء انتخابات برلمانية جديدة.

فرموز المعارضة سواء كانت نفتالي بينيت أو يائير لابيد، أو بيني غانتس مجموعة هواه غير محترفين، وليس لديهم خبرات متراكمة مثلما الأمر لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بما يملكه من خبرات تراكمية، وبعد أن تحول بالفعل – وفقا لمؤيديه- إلي ملك إسرائيل.

ومن ثم لا وجه للمقارنة بينه، وبين وزراء حكومته الصاعدين للحكم إلي جواره وبرغم الضجيج الإعلامي الكبير حول بعض الأسماء، ولا حتى داخل ليكود حيث لم يعد له منافسين حقيقيين الأمر الذي يشير إلى أنه بات الأقوى، والمؤثر في توجيه السياسات الرسمية داخل الحزب والحكومة معا مما سيفترض على وزراء الحكومة – ومن خلال الائتلاف الحاكم – التعجيل بتنفيذ اتفاق الشراكة بالفعل، والانتقال المرحلي للعمل معا بصرف النظر عن التجاذب الجاري في تفاصيل كثير من الملفات الرئيسة، والمباشرة، والتي تعمل لصالح طرف علي حساب طرف آخر من داخل الائتلاف ذاته.

في ظل هذا الإطار، فمن المهم تفهم أن ما أعلنه وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، بتشكيل لجنة لفحص تحويل الميزانيات للسلطات المحلية العربية، وذلك في أعقاب القرار الذي اتخذه بتجميد هبات موازنة تقدر بنحو 300 مليون شيكل مخصصة للسلطات المحلية العربية، وتجميد ميزانية تقدر بـ200 مليون شيكل لتشجيع اندماج الفلسطينيين من سكان القدس في المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية اختبار مهم لقوة الحكومة، واستمرارها في تنفيذ ما يتم اقتراحه، وحظي بقبول من رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وتم تمريره من داخل الحكومة المصغرة على اعتبار أنه أولوية مهمة يجب التعامل معها في إطار أمن إسرائيل القومي وأولوياتها، وفي ظل التحذيرات الأمنية من القرار الذي اتخذه بتجميد الميزانيات المخصصة لدعم التعليم العالي في القدس، والضغوطات الداخلية والخارجية التي تم طرحها بشأن تجميد هبات موازنة للسلطات المحلية العربية.

وكان مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، وقادة الأجهزة الأمنية قد دعوا رسميا لضرورة توفير المخصصات خاصة مع الجدال الدائر في الحكومة بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو قد كذب ادعاء وزير المالية سموتريتش، وبأن نتنياهو يدعم موقفه بشأن تجميد الميزانيات المخصصة لتمويل التعليم العالي في شرقي القدس ما يعني أن الأمر لم يحسم أصلا، ولا يزال قيد التناول الحزبي، وداخل الائتلاف.

كما لا يزال موقف الائتلاف – في مجموعه – غير واضح إزاء صدور قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، باعتباره أمرا احترازيا، يجبر الائتلاف الإسرائيلي على تقديم تفسيرات يبرر من خلالها تعديل قانون أساس القضاء لإلغاء حجة المعقولية، في إطار الالتماسات المقدمة للمحكمة في هذا الشأن، والتي تعتزم النظر بها في سبتمبر/أيلول المقبل.

والأمر الاحترازي هو- في الأصل – أمر يوجه للسلطة التنفيذية، أو التشريعية، ويلزمها بالمثول أمام المحكمة في موعد محدد، والرد على الادعاءات التي قدمها الملتمسون ضد قرار حكومي، وذلك إذا ما كان لدى هيئة المحكمة انطباع بوجود أساس قوي للادعاءات المقدمة في الالتماس.

وستنظر المحكمة بهيئة موسعة مكونة من 15 قاضيا (كامل هيئة القضاة في المحكمة)، في التماس ضد تعديل قانون أساس القضاء بما ينزع عن المحكمة العليا إحدى الأدوات التي تمتلكها لإلغاء قرارات الحكومة والوزراء أو تعييناتهم – حجة المعقولية- التي تمكن المحكمة من أن تقضي بعدم معقولية الإجراءات التي يتم اتخاذها.

ويشير قرار المحكمة إلى أن الإجراءات القضائية في هذا الملف ستتم بشكل أسرع من المعتاد، مما سيسمح لرئيسة المحكمة، إستر حيوت، التي تتقاعد في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، إدارة جميع جلسات الاستماع بشأن الالتماسات ضد إلغاء حجة المعقولية، قبل انتهاء ولايتها، وتقاعد القاضية عنات برون. يذكر أن حيوت وبرون تعتبران قاضيتين ليبراليتين ولهمها مواقف مشهودة في تاريخ القضاء الإسرائيلي.

نموذج آخر لما يجري داخل الائتلاف من تجاذبات مستمرة متعلق بإدارة العلاقات الحزبية لمكونات الائتلاف مع قيادات أجهزة المعلومات خاصة شاباك، وأجهزة الأمن الداخلي، والحرس الوطني قيد التشكيل، وأجهزة الشرطة، والتي أبدت العشرات من التحفظات علي أداء الحكومة الأمني، وسياسة الاقتحامات داخل المدن الفلسطينية، والزج بالوضع الأمني بالسياسي في ظل تخبط بعض السياسات الحزبية وفق تصورهم، وهو ما يدفع بعدم وجود استراتيجية في التحرك إزاء التعامل مع الخطر القريب، والبعيد والمجاور، والإقليمي في استمرار التهديدات الإيرانية لأمن إسرائيل القومي، والتي لم تحسم بعد على كل المستويات داخل إسرائيل ومع الولايات المتحدة.

في المجمل، فإن ما يجري داخل الحكومة من حالة جدال حول الأولويات التي يجب أن تراعى، وتضبط، مرتبط بالفعل بما يمكن أن يتم في سياق مصالح الدولة العليا ما يشير إلى أن التجاذبات ليست كبيرة، وتتم في إطار من توزيع الأدوار بين كل الأطراف داخل ائتلاف الشراكة، وخارجه مع حرص حقيقي على عدم الصدام، أو الذهاب إلى إسقاط الحكومة، أو تفكيك ائتلافها، وإنما العمل على إدارة الخلافات في إطارها، ومن خلال مقاربة مقبولة يلتزم بها كل الأطراف على الأقل في مستوى الحد الأدنى.

شاهد أيضاً

لبنان- إسرائيل: لا عودة الى ما قبل “طوفان الأقصى”

بقلم: علي حمادة- النهار العربيالشرق اليوم– تسربت معلومات دبلوماسية غربية الى مسؤولين لبنانيين كبار تشير …