الرئيسية / دراسات وتقارير / جدل أميركي حول نهج “دبلوماسية الرهائن” مع إيران

جدل أميركي حول نهج “دبلوماسية الرهائن” مع إيران

بقلم: طارق الشامي – اندبندنت عربية
الشرق اليوم– بعد أكثر من عامين من المحادثات المتوقفة، قد تحرز إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن خلال فترة وجيزة بعض التقدم في جهودها لتهدئة التوترات مع إيران من خلال ما يسمى دبلوماسية الرهائن التي بمقتضاها يطلق الجانب الإيراني سراح خمسة سجناء أميركيين مقابل إلغاء تجميد ستة مليارات دولار من الأموال كانت تدين بها كوريا الجنوبية لطهران وإطلاق سراح رهائن إيرانيين في الولايات المتحدة.

على الرغم مما تعتبره إدارة بايدن صفقة رابحة تبني الثقة، تثير هذه الدبلوماسية كثيراً من الجدل والغضب في واشنطن، فما السبب وراء ذلك، ولماذا يخشى البعض من تداعيات أسوأ ربما تترتب على هذه الصفقة؟

دبلوماسية مزعجة

رغم تأكيد المتحدث باسم الأمن القومي للبيت الأبيض جون كيربي هذا الأسبوع أن الصفقة لم تنته بعد، وأنها ستخضع لمعايير صارمة، بدا الجمهوريون مستائين من إمكانية عقد اتفاق مع إيران على أساس دبلوماسية الرهائن التي اتبعتها طهران منذ عام 1979 حينما احتجزت عشرات الدبلوماسيين في السفارة الأميركية عقب الثورة الإسلامية، ولم تفرج عنهم إلا بعد سقوط الرئيس الأميركي جيمي كارتر وبدء حكم خلفه رونالد ريغان.

وفي حين يدعم المشرعون الجمهوريون والمرشحون للانتخابات الرئاسية إطلاق سراح الأميركيين المحتجزين الخمسة في سجون إيران بتهم التجسس، فإن ربط هذه الخطوة بإلغاء تجميد ستة مليارات دولار من الأموال الإيرانية التي تدين بها كوريا الجنوبية، اعتبروه ابتزازاً من شأنه أن يزيد ما وصفوه بجرأة العدوان الإيراني، حيث رأى رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مايك ماكول في حديث لـ”فوكس نيوز” أنه من السذاجة الاعتقاد أن إيران لن يكون لها أي سيطرة على هذه الأموال، معتبراً أنها “ستدعم حربهم بالوكالة والعمليات الإرهابية وتطلعاتهم للحصول على قنبلة نووية”.

واعتبر حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتس، وهو من أبرز المرشحين للرئاسة في الحزب الجمهوري، أن هذه الخطوة ليست سوى استسلام لابتزاز إيران، وكتب على موقع “إكس”، المنصة المعروفة سابقاً باسم “تويتر” “أن مكافأة إيران على أخذ الأميركيين رهائن تحفز على مزيد من أخذ الرهائن، ولهذا يجب أن يتوقف بايدن عن السعي إلى الصفقات الكارثية التي تعرض أمننا للخطر”.

مخاوف متصاعدة

ورغم تأكيد المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيدانت باتيل أن الأموال، التي ستحفظ في حساب مصرفي قطري للمراقبة، ستستخدمها إيران فقط في المعاملات الإنسانية، مثل الغذاء والدواء وإجراء معاملات أخرى غير خاضعة للعقوبات، فإن المعارضين في واشنطن تساورهم عديد من الشكوك، ويرون أن الاتفاق يجعل الولايات المتحدة تبدو ضعيفة بينما قد تصل الأموال في النهاية إلى الجيش الإيراني الذي استولى على ناقلات أميركية ودعم الجماعات المسلحة في سوريا التي هاجمت القوات الأميركية هناك.

ومن بين الأصوات البارزة، أبدى نائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية للعلاقة الاستراتيجية توبي ديرشوفيتز انزعاجه من هذه الأنباء التي اعتبر أنها تساعد في ملء خزائن إيران بالأموال بينما تواصل ما وصفه “بزيادة أنشطتها الخبيثة على جميع الجبهات من تمويل الإرهاب، واحتجاز الرهائن، ومحاولات الاغتيال، إلى انتهاكات حقوق الإنسان”، في حين طالب الخبير السياسي في الشأن الإيراني ريتشارد غولدبرغ بعقد جلسات استماع فورية في الكونغرس للحصول على وثائق واتخاذ إجراءات لمنع تمويل طهران بالأموال، بخاصة أن بعض الإيرانيين عارض المزاعم الأميركية، قائلين إن بلادهم ستكون لها سيطرة كاملة على الأموال.
وحتى لو كانت إيران غير قادرة على الوصول إلى الأموال بشكل مباشر، فإن استخدامها للأساسات الإنسانية يحرر ميزانية إيران لمواصلة تمويل جيشها، بما في ذلك فيلق الحرس الثوري الإسلامي الذي صنفته الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية أجنبية ووكلائها في جميع أنحاء المنطقة في وقت تواصل طهران قمع المعارضة بعنف وتقديم المساعدة المميتة لروسيا في حربها مع أوكرانيا، بحسب غولدبرغ.

براغماتية دبلوماسية

لكن بينما تتفق صحيفة “فايننشال تايمز” في افتتاحيتها بالنسخة الأميركية في أن الصفقة تنم عن دبلوماسية الرهائن وستسبب مخاوف مبررة من أنها ستشجع النظام الإيراني على الاستمرار في استخدام البيادق البشرية كتكتيك في عدائه المستمر منذ عقود مع الغرب، إلا أنها اعتبرت أن تبادل الأسرى الناجح قد يساعد في بناء درجة من الثقة المفقودة بين الأميركيين والإيرانيين، وقد تدعم جهود احتواء الأزمة النووية التي تغلي بشكل خطير منذ أن تخلى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من جانب واحد عن الاتفاق النووي لعام 2015 الذي وقعته طهران مع القوى العالمية.

شاهد أيضاً

لوموند: روسيا تعزز وجودها في ليبيا وسط استياء غربي واسع

الشرق اليوم– قالت صحيفة لوموند إن موسكو تعمل على زيادة نقل القوات والمعدات إلى منطقة …