الرئيسية / مقالات رأي / أزمة ترامب… أو أزمة أميركا

أزمة ترامب… أو أزمة أميركا

بقلم: سميح صعب- النهار العربي
الشرق اليوم– إلى أي حدّ يمكن للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تحمّل المشاكل القانونية التي تعصف بحملته الانتخابية، من دون أن تؤثر على تماسك قاعدته الجمهورية، التي بقيت حتى الآن واقفة خلفه وداعمة له، منذ خروجه من البيت الأبيض في 2021؟

الاثنين الماضي، وجّهت المدّعية العامة في مقاطعة فولون بولاية جورجيا، اتهاماً إلى الرئيس السابق و 18 شخصاً من مساعديه، بالسعي إلى قلب نتائج الانتخابات الرئاسية في عام 2020، في الولاية التي فاز فيها منافسه الرئيس جو بايدن.

وقبل هذا الاتهام، وُجّهت إلى ترامب ثلاثة اتهامات منفصلة: أحدها يتعلّق بدفع أموال لشراء سكوت ممثلة أفلام إباحية، والثاني بإساءة التعامل مع وثائق سرّية، وثالث يتعلّق بالهجوم على الكابيتول في 6 كانون الثاني (يناير) 2021، لمنع تثبيت نتائج انتخابات 2020.

لكن توالي الاتهامات، لا يبدو أنّه يُحدث تأثيراً واسعاً على شعبية ترامب. ولا يزال الفارق بينه وبين حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتس أكثر من 30 في المئة. وديسانتس هو المرشح الجمهوري الأوفر حظاً بنيل ترشيح الحزب الجمهوري في حال تعثّر ترامب بالمضي في ترشيحه. أما المرشحون الآخرون، مثل نائب الرئيس السابق مايك بنس والمندوبة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي وغيرهما، فإنّ فرصهم ضئيلة في دخول السباق إلى البيت الأبيض في 2024.

أظهر استطلاع أجرته صحيفة “نيويورك تايمز” وكلية سيينا للاستطلاعات الشهر الماضي، أنّ 17 في المئة فقط من الناخبين الجمهوريين المحتملين يعتقدون أنّ ترامب قد ارتكب جرائم فيدرالية خطيرة، بينما قال 71 في المئة إنّه لم يرتكبها.

والمخطّطون الاستراتيجيون في الحزب الجمهوري يرون أنّ الاتهام الأخير، سيكون له تأثير ضئيل على الناخبين الجمهوريين الذين يؤيّدون ترامب، وبأنّه إذا كان ثمة شريحة ستعمد إلى تغيير رأيها، فإنّها تبقى محدودة ولن تقلب المعادلة لمصلحة ديسانتس.

قلةٌ قليلة من الجمهوريين بدأت تمعن التفكير في المخاطر التي قد ينطوي عليها المضي في ترشيح ترامب عندما يحين التصويت على المستوى الوطني في مواجهة بايدن. ويصطف الجمهوريون في مجلس النواب خلف ترامب من دون تردّد، ويعتبرون الاتهامات الموجّهة إليه مسيّسة، وأنّ هدفها منعه من الترشح. والجمهوريون في مجلس الشيوخ، باستثناء السيناتور ميتش ماكونيل، لا يزالون على ولائهم للرئيس السابق. ويضغط النواب الجمهوريون من أجل مساءلة بايدن على خلفية التغطية على مخالفات ارتكبها نجله هنتر.

ومع ذلك، يواجه الجمهوريون معضلة كبيرة من الآن وحتى موعد الانتخابات في تشرين الثاني (نوفمبر) 2024. هم يخشون أن يخسروا الانتخابات في حال خاضوها بمرشح غير ترامب. كما أنّ بعض الشكوك بدأت تساورهم حيال إمكان أن تشكّل المشاكل القانونية التي يواجهها الرئيس السابق، سبباً لانحسار موجة التأييد التي يحظى بها اليوم. وماذا لو أُدين الرجل بأحد الاتهامات؟ ألن يؤدي مثل هذا التطور إلى جعل كثيرين يعزفون عن التصويت له في 2024؟

ثم أنّ مشكلةً لا يُستهان بها ستواجه ترامب بسبب مواعيد المحاكمات. فهو سيكون مضطراً إلى اقتطاع أيام من حملته الانتخابية كي يَمثل أمام المحاكم المختلفة. وثمة مسألة أخرى لا تقلّ أهمية، وهي تتعلق بإنفاق ترامب الكثير من أموال المتبرّعين لحملته الانتخابية، على إجراءات محاكمته.

قد تواجه الانتخابات المقبلة مأزقاً مماثلاً لما شهدته انتخابات 2020، وسابقة عدم اعتراف ترامب ومؤيّديه بالنتائج التي حملت بايدن إلى البيت الأبيض. ما الذي يضمن عدم تكرار السيناريو ذاته، والتشكيك مجدداً بنزاهة عملية الاقتراع في حال لم تأتِ النتائج بحسب ما يرغب الجمهوريون؟

مثل هذا الاحتمال يحيل المسألة إلى سؤال أخطر يتعلّق بأزمة غير مسبوقة تواجهها الولايات المتحدة ككل، ولا تتعلق بالجمهوريين أو الديموقراطيين وحدهم. إنّها أزمة أميركا.

شاهد أيضاً

بأية حال تعود الانتخابات في أمريكا!

بقلم: سمير التقي – النهار العربي الشرق اليوم- كل ثلاثة او أربعة عقود، وفي سياق …