الرئيسية / مقالات رأي / عالم من الديون

عالم من الديون

الشرق اليوم- ثلاثة مليارات وثلاثمئة مليون شخص من سكان الأرض البالغ إجمالي عددهم 8 مليارات نسمة، يدفعون ثمن اقتراض دولهم المثقلة بالديون الخارجية، من حسابهم الصحي والتعليمي، فبدلاً من أن تعمل حكوماتهم على تحسين أمورهم المعيشية، والارتقاء بلخدمات الصحية والتعليمية وكل ما يتعلق بالطاقة والمواصلات وغيرها من مرافق حيوية، تجد نفسها مضطرة إلى دفع فوائد ديونها المتركمة، ولا تملك أي خطة ناجعة للخلاص مما هي فيه.

أزمة الديون التي وصفها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، بالكارثة التنموية والعائق الأساسي أمام النهوض الاقتصادي والاجتماعي، تستعر نيرانها في الدول الفقيرة، بعد أن بلغت مستوى قياسياً يشكّل خمسة أضعاف ما كانت عليه عام 2000، حيث بلغ الدين العام في العالم عتبة 92 تريليون دولار في عام 2022، بحسب تقرير وضع الدين العالمي الذي حمل عنوان “عالم من الديون”.

التقرير الذي كشف عن معاناة 40% من الدول النامية من مشكلة دين خطيرة تهدد معيشة مواطنيها في مختلف مناحي الحياة، أكد أن هذه الديون تنمو بشكل أسرع من غيرها في ظل ارتفاع نسب الفوائد التي لا تتوقف في معظم الأحيان، ولتجد الدول المدينة نفسها تدور في حلقة مغلقة يصعب فيها التوفيق بين حاجات ساكنيها من المتطلبات الحياتية الضرورية من صحة وتعليم وخدمات إنمائية وغيرها، وسداد التزاماتها تجاه أصحاب هذه الديون ومعظمها ديون خارجية.

ديون الدول النامية أصبحت أشبه ما يكون بكرة الثلج المتدحرجة التي يزيد حجمها كلما زاد دورانها، فسعي حكومات تلك الدول للتخفيف من حدة هذه المشكلة على مجتمعاتها المحلية، يقودها إلى إعادة جدولة الديون بالتفاوض مع الجهات المقرضة لتأجيل مواعيد السداد أو تقليل الفائدة المستحقة، وإذا فشل هذا الحل تجد نفسها مضطرة إلى إعادة هيكلة الديون بالتفاوض مع الجهات المقرضة نفسها لتغيير شروط الديون، مثل تخفيض قيمة الدين أو تمديد فترة السداد، وهذا كله يقود في نهاية المطاف إلى تقليص الإنفاق العام للحد من التبعية للاقتراض الخارجي وتوفير الموارد المالية لسداد الديون، وهو ما أفضى إلى الوضع الحالي الذي يدفع ثمنه أكثر من ربع سكان العالم.

الحل إذاً يكمن في تعزيز هذه الدول لنمو اقتصادها وتنويع مصادر الإيرادات لتحقيق تحسن مستدام في ميزانياتها، وتحسين إدارة الموارد المالية، ومكافحة الفساد، دون إغفال أهمية أن تبادر المؤسسات الدولية بتقديم الدعم المالي والتقني لها والذي يتضمن تمويل المشاريع التنموية والمساعدة في برامج تخفيف الديون.

أزمة الديون التي حرص الأمين العام للأمم المتحدة على الإضاءة عليها، من شأنها عرقلة الجهود الدولية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والانتقال إلى الطاقة النظيفة، حيث إن 40% من الدول النامية تعاني في الوقت الحالي عدم قدرتها على سداد ديونها، وبالتالي فمن غير الممكن لها أن تواكب عجلة التنمية المستدامة عالمياً، ما يؤكد ضرورة مدّ يد المساعدة إليها، من الدول الصناعية الكبرى التي لديها فائض كبير من الأموال والإمكانيات.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

هل تأخّر بايدن في تعليق شحنة القنابل؟

بقلم: سميح صعب – النهار العربي الشرق اليوم- التردّد الذي يبديه الرئيس الأميركي جو بايدن …