الرئيسية / مقالات رأي / معضلة واشنطن وبكين

معضلة واشنطن وبكين

بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- تتوالى الزيارات الأمريكية إلى الصين على أمل إصلاح العلاقات بين الجانبين التي تضررت على كل المستويات، الاقتصادية والأمنية والسياسية، وسعياً لفرملة اندفاع العلاقات الروسية الصينية التي تقدمت إلى مستوى التحالف الاستراتيجي.

فخلال الشهور الأخيرة، وتحديداً عقب إسقاط المنطاد الصيني فوق السواحل الأمريكية أوائل فبراير الماضي، بذريعة التجسس، تحركت واشنطن لاحتواء تدهور العلاقات مع بكين التي هددت بالرد، وذهب مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إلى بكين، سعياً للتهدئة، غير أن زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن تأجلت إلى يونيو الماضي، بسبب عودة التوتر على خلفية إرسال المزيد من الأسلحة لتايوان، ليتصاعد التوتر مجدداً بعد تصريحات الرئيس بايدن عن النظام “الديكتاتوري” في الصين. ثم جاءت زيارة وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين إلى بكين قبل أيام قليلة، لإصلاح العلاقات الاقتصادية، التي تضررت بشدة بين الجانبين، ومن المفترض أن يقوم المبعوث الرئاسي الأمريكي لشؤون المناخ جون كيري بزيارة مرتقبة إلى بكين في الأيام القليلة المقبلة.

وسط كل هذه التحركات، كانت العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم، تتجه نحو حرب حقيقية؛ بسبب العقوبات والقيود المتبادلة على الشركات، خصوصاً في مجالي التقنيات والرقائق الإلكترونية التي تحتاج إليها الصين، لتطوير صناعاتها، ما اضطرها بالتالي إلى البحث عن بدائل محلية، متهمة واشنطن بالعمل على منع نمو اقتصادها. ولجأت إلى فرض قيود على تصدير معدنين نادرين لهما أهمية استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة؛ هما الغاليوم والجرمانيوم، المرتبطان بالوقود الأحفوري والطاقة المتجددة؛ حيث تنفرد الصين بالجزء الأعظم من إنتاجهما. تكمن أهمية زيارة وزيرة الخزانة الأمريكية، التي تعد الأكثر براغماتية في الإدارة الأمريكية، في أنها سعت إلى مصالحة اقتصادية بين أكبر اقتصادين في العالم، والعودة إلى المنافسة السليمة، التي لا تستفيد منها أمريكا والصين فحسب، وإنما الاقتصاد العالمي برمته. وهي كانت ترد في الواقع على دعوات سياسيين أمريكيين منذ أشهر إلى “فك الارتباط” بين الاقتصادين، ووقف استثمارات الشركات الأمريكية في الصين، لخفض الاعتماد على ذلك البلد وسط تصاعد الخلافات الجيوسياسية بينهما. وكانت يلين أكثر وضوحاً عندما أكدت أمام مسؤولي شركات أمريكية أن “فك الارتباط بين أكبر اقتصادين في العالم، سيؤدي إلى زعزعة الاقتصاد العالمي”، لافتة إلى أن ذلك “سيكون من المستحيل عملياً”.

ولا تزال واشنطن تراهن على تحسين العلاقات مع بكين، عن طريق إدامة التواصل بين الجانبين، ومن بوابة المناخ عبر زيارة جون كيري المرتقبة والعلاقة الإيجابية التي أنشأها مع الصين، ويعول عليها في حل الكثير من الخلافات بين الجانبين. لكن المعضلة الحقيقية تكمن في الخلافات الجيوسياسية؛ وجوهرها “تايوان” التي تعدها بكين جزءاً من ترابها الوطني، بينما تسعى واشنطن إلى تعزيز توجهاتها الانفصالية على الرغم من اعترافها العلني بمبدأ “صين واحدة”، وإلى استمرار محاصرة الصين وبحرها الجنوبي بالأحلاف الأمنية والعسكرية، ناهيك عن إخفاق واشنطن في وقف نمو العلاقات المتصاعدة على كل المستويات بين موسكو وبكين، ما يثير الكثير من الشكوك حول إمكانية تعافي العلاقات الصينية الأمريكية.

شاهد أيضاً

أميركا إذ تتنكّر لتاريخها كرمى لعينيّ نتنياهو

بقلم: راغب جابر- النهار العربيالشرق اليوم– فيما تحارب إسرائيل على أكثر من جبهة، تزداد يوماً …