الرئيسية / مقالات رأي / تركيا وإيران ومصر… متى سوريا؟

تركيا وإيران ومصر… متى سوريا؟

بقلم: سميح صعب- النهار العربي
الشرق اليوم– تمضي علاقات الانفتاح بين الدول الإقليمية في تحقيق المزيد من الخطوات الملموسة. تركيا ومصر أعلنتا رسمياً الثلثاء الماضي رفع التمثيل الدبلوماسي بينهما إلى مستوى السفراء، بعد قطيعة استمرت عشرة أعوام. في الموازاة، تعلن إيران عن قيام الرحلة الأولى بين طهران والقاهرة في غضون 45 يوماً، في وقت لم يعد سراً أنّ البلدين يتّجهان نحو فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية.

لا تنفصل هذه المناخات الإيجابية عن التطور الحاصل في العلاقات السعودية – الإيرانية منذ الإعلان عن معاودة تطبيع العلاقات بين الرياض وطهران في 10 آذار (مارس) الماضي في بكين. وأعقب ذلك صفحة جديدة من العلاقات بين إيران ودول الخليج العربية الأخرى. ثم كان الانفتاح السعودي على سوريا، وحضور الرئيس بشار الأسد القمة العربية التي انعقدت في المملكة في أيار (مايو) الماضي. وتحقق اختراق في العلاقات المصرية – السورية، في انتظار تتويجه بلقاء على مستوى القمّة.

وإذا كان التطبيع بين مصر من جهة وتركيا وإيران من جهة ثانية قد قطع أشواطاً متقدّمة، وكذلك الحال بالنسبة إلى التطبيع بين دول الخليج العربية وسوريا، باستثناء قطر والكويت، فإنّ مسار التطبيع بين سوريا وتركيا، يعاني بطئاً شديداً، بسبب ذلك الثقل من الأزمات المتراكمة بين البلدين، على مدى أكثر من عقد من الزمن.

يتطلّب التطبيع السوري – التركي الذي ترعاه دول إقليمية وروسيا، قرارات مؤلمة من الجانبين. ويبدو أنّ الأمور لم تصل بعد إلى إذابة الجليد وتحقيق نقلة نوعية تمهّد الطريق أمام لقاء على مستوى القمّة.

كثيرةٌ هي الموانع التي تحول دون إنجاز المصالحة بين دمشق وأنقرة. إنّ وجود الجيش التركي في مساحات واسعة من الشمال السوري، فضلاً عن انتشار فصائل مسلّحة تحظى بدعم تركي، تسليحاً وتمويلاً، يقفان حجر عثرة أمام التوصل إلى تفاهم بشأن عودة العلاقات.

كما يجعل الرفض الأميركي الشرس لأي تطبيع مع دمشق الرئيسَ التركي رجب طيب أردوغان يتروّى أكثر في اتخاذ مزيد من الخطوات التي تُزعج واشنطن. ثم أنّ الشروط السياسية التي تطرحها أنقرة، من قبيل صياغة دستور سوري جديد وإجراء انتخابات عامة في سوريا، تلقى رفضاً من دمشق، التي ترى أنّ جدّية تركيا يتعيّن أن تظهر أولاً في الانسحاب من الأراضي السورية وفي وقف دعم فصائل المعارضة المسلّحة، لاسيما الفصائل الجهادية، التي تسيطر على نصف محافظة إدلب وعلى مناطق في أرياف اللاذقية وحماة وحلب.

التصعيد العسكري الذي شهده الشمال السوري في الأسبوع الماضي، حمل الكثير من الرسائل من كل الأطراف. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا التصعيد أتى عقب اجتماع نواب وزراء الخارجية لسوريا وتركيا وإيران وروسيا، في آستانا الكازاخستانية. وبدا أنّ الاجتماع لم يحقق أي تقدّم في ملف التطبيع السوري – التركي، نظراً لتعقيدات هذا الملف.

وروسيا تنشغل بشكل شبه كليّ بالحرب في أوكرانيا، ما يحدّ من انخراطها أكثر في تسهيل التوصل إلى تفاهم بين دمشق وأنقرة. وأتى تمرّد مجموعة “فاغنر” العسكرية الخاصة في 24 حزيران (يونيو) الماضي، ليزيد من الانكباب الروسي على القضايا الداخلية.

وعلى رغم التفاؤل المصحوب بالحذر في ما يتعلق بتحقيق اختراق على مستوى العلاقات السورية – التركية، فإنّ المناخ الإقليمي الناشئ من المصالحات التي تحققت بين دول المنطقة في الأشهر الأخيرة، من شأنه أن يخلق دينامية لا بدّ من أن تترك انعكاساتها الإيجابية على المسار السوري – التركي.

كان اتفاق بكين أساساً في إحداث استدارة في المواقف، وطي سنوات الخصومة والعداء، وتقديم مسألة قيام علاقات على أساس الاحترام المتبادل والتعاون في القضايا مثار الخلاف، والتوجّه نحو حلّها بالطرق السلمية.

شاهد أيضاً

جامعات أميركا… حقائق وأبعاد

بقلم: إياد أبو شقرا- الشرق الأوسطالشرق اليوم– «الانتفاضة» التي شهدها ويشهدها عدد من الحُرم الجامعية …