الرئيسية / مقالات رأي / بلينكن يبني وبايدن يهدم !

بلينكن يبني وبايدن يهدم !

الشرق اليوم- ما إن عاد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إلى واشنطن من زيارته إلى الصين، التي استغرقت يومين واجتمع خلالها إلى كبار المسؤولين الصينيين من بينهم الرئيس شي جين بينغ، حتى فجّر الرئيس الأمريكي جو بايدن “قنبلة صوتية” بوصف الرئيس الصيني ب”الدكتاتور”، ما ترك تساؤلاً حول مستقبل العلاقات بين البلدين، بعد أن تمكن بلينكن من تحقيق الاستقرار في التنافس المحتدم بينهما حتى لا يتحول إلى صراع.

صحيح أن الزيارة لم تحقق اختراقاً كبيراً في العلاقات، لكنها حققت “تقدماً” حسب وصف الرئيس الصيني، كما أن البيت الأبيض وصف المحادثات بأنها “خطوة جيدة إلى الأمام”، ذلك أن حجم الخلافات بينهما ليس هيناً ويحتاج إلى جهد وتواصل وتفاهم على أساس المصالح المتبادلة التي تصب في خدمة البلدين والعالم، والتخلي عن منطق الهيمنة والاستئثار.

ربما كان تصريح بايدن مفاجئاً لبكين، التي كانت تراهن على تعقل في السياسة الأمريكية بعد الاتفاق على استمرار التواصل بين البلدين، ودعوة وزير الخارجية الصيني إلى واشنطن التي قبلها على أن يحدد موعدها لاحقاً.

لذلك كان رد فعل بكين على وصف شي ب”الدكتاتور” بالقول إنه “تصعيد غير متوقع”، واعتبار التصريحات “سخيفة واستفزازية وغير مسؤولة وتنتهك بشكل خطير الحقائق والبروتوكول الدبلوماسي والكرامة السياسية للصين”.

من جهتها حاولت الخارجية الأمريكية التخفيف من وقع تصريحات بايدن بالقول: إن واشنطن “ما زالت تتوقع التواصل حين يكون الوقت مناسباً”، أضافت “يعتقد الرئيس أن الدبلوماسية طريقة مسؤولة لإدارة التوترات وتوضيح المفاهيم الخاطئة وتجنب الحسابات الخاطئة، وكل هذا في مصلحتنا.. وهذا لا يعني بالطبع ألا نكون صريحين ومباشرين بشأن خلافاتنا”.

لكن، إذا كانت الدبلوماسية “طريقة مسؤولة لإدارة التوترات”، فهذا يقتضي أن تكون التصريحات والمواقف منسجمة معها، ولا تأخذ بعداً تصعيدياً جديداً يعيد الأمور إلى نقطة الصفر. بمعنى أن تُحدث التصريحات تأثيراً إيجابياً يخدم هدف التخفيف من التوتر لا تأجيجه.

ما فعله الرئيس بايدن هو العكس تماماً، إذ إنه هدم ما حققه وزير خارجيته في الصين من مواصلة الحوار والقيام بمزيد من الزيارات المتبادلة لوضع العلاقات “على الطريق الصحيح” كما وصفها هو شخصياً.

إن مثل هذه التصريحات التي صدرت عن بايدن تثير مشكلة المصداقية في العلاقات الدولية، وتعطي انطباعاً بوجود تناقض بين القول والفعل، ما يؤثر سلباً في مبدأ الثقة والقدرة على التعامل مع الأزمات، باعتبار أن المصداقية تشكل الأساس في العلاقات بين الدول لتحقيق أي هدف مهم.

ولأن العلاقات بين واشنطن وبكين في الأساس ليست على ما يرام، ولأن زيارة بلينكن حاولت ترميم هذه العلاقات وإبقائها في إطار التنافس، فإن تصريحات بايدن تحتاج إلى وقت لهضمها من جانب الصين الحريصة على عدم قطع حبل التواصل مع الولايات المتحدة.

لذلك، سوف يمضي بعض الوقت لاستعادة التواصل طالما لا بديل عنه حتى الآن.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

إنصاف «الأونروا»

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث …