الرئيسية / مقالات رأي / الأتراك… بين رؤيتين اليوم

الأتراك… بين رؤيتين اليوم

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي

الشرق اليوم- يختار الأتراك اليوم بين رؤيتين لبلادهم: الأولى تركيا المحافظة دينياً والمتشددة قومياً التي يمثلها الرئيس رجب طيب أردوغان، والثانية تلك التي يدعو إليها مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو وتقوم على استعادة الوجه العلماني للجمهورية التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك قبل مئة عام.

وأياً كان الفائز في الانتخابات، فإنه لا بد سيترك بصماته على السياسات في الداخل والخارج حتى آواخر العقد الجاري الأقل. إذا حصل أردوغان على ولاية ثالثة، فسيتعبر ذاك بمثابة تفويض للمضي في تعزيز النهج الذي سلكه عندما وصل إلى السلطة قبل 20 عاماً.

وإذا ما تم البناء على الجولة الأولى من الاقتراع، فإن أردوغان يبدو الأوفر حظاً. صحيح أنه لم يستطع الحسم من الجولة الأولى، لكن الفارق بينه وبين كليتشدار أوغلو كان 5 في المئة. وإذا أخذنا في الاعتبار الدعم الذي حصل عليه من زعيم تحالف “الأجداد” القومي المتطرف سنان أوغان، فإن ذلك يعزز حظوظه، على رغم أن مؤيدي هذا التحالف ليسوا كتلة واحدة، ومن غير المتوقع أن يصوتوا كلهم لأردوغان.

وقبل أسبوعين تمكن تحالف حزب العدالة والتنمية ذي التوجهات الإسلامية وحزب حركة العمل القومي بزعامة دولت بهشتلي من الفوز بالغالبية المطلقة في البرلمان. وهذا عامل مساعد يصب في مصلحة اعادة انتخاب أردوغان اليوم.

احتدام التنافس في جولة الإعادة، حملت كليتشدار أوغلو على إبرام إتفاق مع حزب “النصر” الصغير المعادي للمهاجرين، على وعد بترحيل ملايين المهاجرين واللاجئين من تركيا في غضون عام. ومع أن فرص كليتشدار أوغلو بالفوز تبدو ضئيلة، فإن المعارضة يمكن أن تُحدث مفاجأة في حال أقنعت الناخبين الذين لم يصوتوا في الجولة الأولى، على الذهاب إلى صناديق الاقتراع اليوم.

وركزت حملة أردوغان على إعادة بناء المناطق التي دمرها زالزال السادس من شباط (فبراير)، الذي أدى إلى مقتل أكثر من 50 ألف شخص وسوى مدناً بالأرض. ووعد ببناء 390 ألف منزل في غضون سنة. وفي الانتخابات البرلمانية، فاز الحزب الحاكم في عشر محافظات من أصل 11 محافظة ضربها الزلزال، وذلك على رغم الانتقادات التي وجهت للحكومة بسبب البطء في التعامل مع الكارثة.

ولطالما صور أردوغان كليتشدار أوغلو بأنه متعاون مع “حزب العمال الكردستاني” المحظور، وذلك بعدما حصل على دعم حزب الشعوب الديموقراطي الكردي المعارض. 

في ظل حكم أردوغان، ظهرت تركيا بأنها شريك لا غنى لحلف شمال الأطلسي على رغم بعض التباينات من حين إلى آخر. فهي تعرقل حتى الآن سعي السويد للانضمام إلى الحلف، واشترت أنظمة روسية للدفاع الجوي، مما حدا بالولايات المتحدة إلى استبعادها من مشروع صنع مقاتلات “إف-35”. وعلى رغم ذلك، الأمم المتحدة بمساعدة تركيا توصلت إلى اتفاق سمح بتصدير الحبوب من أوكرانيا عبر البحر الأسود. 

وفي الوقت نفسه، يحافظ أردوغان على علاقات مميزة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. تلك العلاقات التي كانت سبباً في التأسيس لتفاهمات في سوريا في السنوات الأخيرة. ومن المتوقع في حال فوز أردوغان أن تكتسب عملية المصالحة السورية-التركية زخماً جديداً. وترعى موسكو عملية التطبيع بين أنقرة ودمشق.

أما في حال فوز كليتشدار أوغلو، فمن المتوقع أن ينتهج سياسة أكثر انسجاماً مع السياسات الأمريكية في الموضوعين السوري والأوكراني.  

ومما لا بد من الإشارة إليه، هو أن المعارضة التركية بتحالفاتها كلها، أخفقت في تقديم تصور مقنع للناخب التركي، واكتفت بتصويب سهام النقد إلى الحزب الحاكم.

وعلى  رغم أن الاقتصاد التركي ليس في أفضل حالاته والليرة في تدهور مستمر، فإن حدة الاستقطاب بين الأتراك تجعلهم يقفزون فوق هذا العامل، ويعتمدون في خيارهم على العامل الإيديولوجي أكثر من البرامج.

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …