الرئيسية / مقالات رأي / الذكاء الاصطناعي.. خطر داهم!

الذكاء الاصطناعي.. خطر داهم!

الشرق اليوم– بعض الإنجازات العلمية والتقنية، التي تحققت من أجل خدمة البشرية تخرج أحياناً عن الدور الإيجابي الذي من المفترض أن تؤديه، لتتحول إلى كوابيس تقض مضاجع البشر وتهدد وجودهم، لأن هناك بعض أصحاب الضمائر الميتة يتعمدون استخدامها لأغراض تلبي طموحاتهم في الهيمنة من دون اكتراث بنتائجها الكارثية.

 فعندما اكتشف العالم البريطاني جون دالتون الذرّة عام 1803 لم يدرْ في خلده أنها ستتحول إلى سلاح إبادة شامل قد يقضي على الجنس البشري، بل كان يرى في اكتشافه مهمة علمية قد تساعد البشر على الاستفادة منها إيجابياً

 وعندما اخترع العالم السويدي ألفرد نوبل عام 1867 الديناميت لاستخدامه في صناعات التعدين والبناء والهدم لاستخراج الحجارة، ثم بدأ استخدامه لأغراض عسكرية في حرب القرم (1853-1856)، أدرك أنه أنجز عملاً لا إنسانياً، ما دفعه إلى الندم وتخصيص ثروته لجائزة تحمل اسمه، تمنح لأشخاص يكرسون حياتهم من أجل السلام، أو يحققون إنجازات في الكيمياء والطب والأدب.

 الآن، بات الذكاء الاصطناعي يشكل حالة مماثلة من حيث إيجابياته وسلبياته، وبدأت الأصوات ترتفع محذرة من مخاطره على البشرية رغم الخدمات التي يقدمها في مهام البرمجة والأنظمة والعمل، والتعامل مع عدد كبير من البيانات، وتقليص وقت الاستجابة والمساعدة في التنبؤ بالتهديدات المستقبلية، وتوفير المساعدة لعامل الأمن البشري وتقليل التكاليف.

 لكن تسارع المنافسة بين الدول في تطوير الذكاء الاصطناعي بات يشكل كابوساً لناحية مخاطره المستقبلية. ولهذا فإن الرجل الذي يوصف بأنه الأب الروحي للذكاء الاصطناعي جيفري هينتون، استقال من شركة غوغل، ونشر بياناً قال فيه إنه “يأسف الآن لعمله في هذا الميدان”، وأضاف: أنا في الخامسة والسبعين من عمري، لذا فقد حان وقت التقاعد. وتحدث في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز عن “جهات سيئة” ستحاول استخدام الذكاء الاصطناعي “لأغراض شريرة”. وحذر العالم من خلق أهداف فرعية مثل الحاجة للحصول على مزيد من القوة. كما أن عدداً من الخبراء أعربوا عن مخاوفهم لناحية السرعة التي يتطور بها أو التحكم بالاتجاه الذي يسير فيه. وفي مارس (آذار) الماضي دعا عدد من العاملين بالذكاء الاصطناعي من بينهم إيلون ماسك إلى وقف مؤقت لجميع جهود تطوير نسخ أكثر تقدماً من الإصدار الحالي من روبوت “تشات جي بي” إلى أن يتم التوصل إلى تدابير أمان صارمة وتطبيقها. وكان أب روحي آخر للذكاء الاصطناعي هو يوشوا بنجيو قال، إنه بسبب التسارع غير المتوقع في أنظمة الذكاء الاصطناعي نحتاج إلى التراجع خطوة إلى الوراء.

 أحد المخاطر من الذكاء الاصطناعي هو استخدامه من قبل المجرمين من عصابات أو دول، بعد تطويره وتحويله إلى سلاح فتاك، أو حلوله محل البشر في مختلف الأعمال والوظائف، بل إن البعض يذهب إلى حد أن الذكاء الاصطناعي قد يهدد الحضارة في حال خرج عن سيطرة الإنسان أو تم استخدامه في تطوير أسلحة بمعزل عن دور البشر. ولهذا حذر جيفري هينتون من أن الخطر الداهم والأكثر إلحاحاً للبشرية، هو الذكاء الاصطناعي وليس تغير المناخ.

شاهد أيضاً

إيران وإسرائيل… الحرب والحديث المرجّم

بقلم عبد الله العتيبي – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم- ضعف أميركا – سياسياً لا …