الرئيسية / مقالات رأي / أردوغان إلى ولاية ثالثة؟

أردوغان إلى ولاية ثالثة؟

بقلم: محمد نور الدين – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- انتهت الجولة الأولى من الانتخابات النيابية والرئاسية في تركيا. وقد أسفرت عن بعض المفاجآت التي لم تكن في حسبان جبهة المعارضة.

 في الانتخابات النيابية حُسمت المنافسة بسيطرة متجددة لتحالف الجمهور المؤلف من حزبي السلطة؛ العدالة والتنمية والحركة القومية، ومعهما هذه المرة حزب الرفاه من جديد الذي يترأسه فاتح ابن الزعيم التاريخي الراحل نجم الدين أربكان. وحصد التحالف 322 مقعداً من أصل 600 مقعد، هي مجموع أعضاء البرلمان، بتراجع بعض المقاعد عن خريطة البرلمان المنتهية مدته.

 ويمكن بهذه الأغلبية المطلقة أن يمرر التحالف الحاكم كل مشاريع القانون العادية. ولكنه لم يحصل على 360 مقعداً الضرورية ليحوّل قضية ما إلى استفتاء شعبي، ولا على 400 مقعد الضرورية لأي تعديل دستوري في البرلمان. بينما حصلت المعارضة مجتمعة على 278 مقعداً، في وقت كانت الاستطلاعات تعطي للطرفين حظوظاً متساوية للغلبة والسيطرة على البرلمان.

 أما الانتخابات الرئاسية، وهي الأهم، حيث الصلاحيات الواسعة في الدولة والحكم هي بيد رئيس الجمهورية، فلم تنته إلى خاتمة حاسمة، حيث فشل المتنافسان رئيس الجمهورية الحالي رجب طيب أردوغان وزعيم المعارضة كمال كليتشدار أوغلو في تحصيل نسبة الخمسين في المئة زائد واحداً المطلوبة للفوز في الدورة الأولى.

 وقد حصل زعيم المعارضة على نسبة 45 في المئة من الأصوات وهذا أمر كانت تتوقعه الاستطلاعات. في المقابل حصل أردوغان على أكثر مما كانت تتوقعه الاستطلاعات، وهذا كان إحدى المفاجآت. وقد نال أردوغان 49.50 في المئة، وكان بحاجة فقط إلى نصف نقطة ونيف أي إلى حوالي 300 ألف صوت ليفوز بالرئاسة من الجولة الأولى.

 أما المفاجأة الأكبر، فقد حصلت مع المرشح الثالث سنان أوغان الذي نال 5.20 في المئة من الأصوات. ومع أنه أصبح خارج السباق، فقد حَرَم بهذه الأصوات أياً من المرشحين الآخرين من الفوز بالمعركة من الجولة الأولى.

 نتيجة لذلك، فإن الصراع على الفوز برئاسة الجمهورية قد انتقل إلى جولة ثانية ستُجرى بعد أسبوع، يوم 28 مايو الجاري. وانتقل الاهتمام بالتالي إلى ما سيحصل، نظراً لأهمية الموقع الرئاسي في تركيا.

 من نتائج الجولة الأولى يمكن القول إن أفضلية واضحة قد ذهبت في الجولة الثانية إلى أردوغان. حيث إنه إذا افترضنا أن كل الكتلة الناخبة التي أعطته في الدورة الأولى 49 نقطة ونصف النقطة جددت التصويت له في الجولة الثانية، فسيكون بحاجة إلى أقل من نقطة ليعلن انتصاره. وهذا من حيث المبدأ سيكون سهلاً مقارنة بما سيحتاج إليه منافسه كليتشدار أوغلو، وهو خمس نقاط كاملة، وهي مهمة صعبة للغاية، إذ سيحتاج إلى كامل النقاط التي حصل عليها سنان أوغان وهذا أمر مستحيل.

 فالكتلة التي صوتت لأوغان ليست متماسكة ولا ملكاً له، وهي جاءت ردة فعل من أكثر من مصدر، وبالتالي ليست مضمونة التجيير كلها إلى كليتشدار أوغلو. كما أن أوغان نفسه متشدد لدرجة العنصرية ضد الحركة الكردية، ويشترط على كليتشدار أوغلو التعهد بعدم تقديم أي تنازل للأكراد مقابل تأييده، وهو شرط يعرف أوغان أنه تعجيزي، وأن الأكراد يشكلون حوالي عشرين في المئة من الكتلة الناخبة لكليتشدار أوغلو ولا يمكن لهذا التعهد بالعمل ضدهم.

 لذلك تبدو مهمة كليتشدار أوغلو صعبة، ومنذ الآن بدأ مناخ الإحباط يسود معسكر المعارضة. أما أردوغان فيبدو أقرب لينال ولو واحداً في المئة من أصوات أوغان، كما أنه يذهب إلى الجولة وهو يتأبط انتصار تحالفه في الانتخابات النيابية، ما يعطي دفعاً معنوياً إضافياً لجمهوره، لكي يتوجه كله وربما أكثر عدداً من الجولة الأولى إلى صناديق الاقتراع، حتى لا تضيع فرصة الفوز التي أصبحت في متناول اليد.

وعلى ما يبدو، وما لم تطرأ مفاجآت استثنائية، فإن تركيا ستكون مساء 28 مايو أمام تجديد الوضع القائم مع توقع فوز أردوغان، والاستمرار بالتالي بسياساته العامة في الداخل والخارج، فيما ستدخل المعارضة في حسابات معقدة وستكون أمام واقع إعادة النظر بكل سلوكها السابق وأسباب فشلها، رغم كل التحشيد الشعبي الذي عملت لأجله، وما يفرضه ذلك من تغييرات في قياداتها وتحالفاتها ولا سيما في صفوف قاطرته الأساسية، حزب الشعب الجمهوري.

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …