الرئيسية / مقالات رأي / إسرائيل تصدّر أزماتها

إسرائيل تصدّر أزماتها

الشرق اليوم- في قراءة للموقف الداخلي الإسرائيلي في ضوء الأزمة المتدحرجة منذ تشكيل الحكومة الجديدة المغرقة في تطرفها وعنصريتها، والتظاهرات المتواصلة منذ ثمانية عشر أسبوعاً ضد ما يسمى “إصلاح الجهاز القضائي” الذي أحدث شرخاً داخل المجتمع الإسرائيلي والمؤسسات الأمنية والقضائية والسياسية، ووصول المفاوضات بين الحكومة والمعارضة إلى طريق مسدود بشأن الإصلاح القضائي، ثم استنكاف وزير الأمن المتطرف، ايتمار بن غفير، رئيس حزب “عوتسما يهوديت” عن حضور الاجتماعات الأسبوعية للحكومة بحجة أن سياساتها “غير مقبولة”، إزاء كل ذلك لم يكن أمام بنيامين نتنياهو من مخرج إلا تصدير أزمته الداخلية إلى الخارج، وتحديداً إلى قطاع غزة، مع مواصلة استهداف المدن والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية بالاقتحامات والاغتيالات، وتوسيع عمليات الاستيطان والتهويد، وإعطاء المستوطنين حرية انتهاك المقدسات الإسلامية، بالقدس والخليل، في أي وقت.

 يريد نتنياهو من كل ذلك استرضاء حلفائه في اليمين للحيلولة دون سقوط حكومته التي مضى على تشكيلها أقل من خمسة أشهر، ما تمثل بإعلان بن غفير، بعد الغارات الأخيرة على غزة التي استهدفت اغتيال ثلاثة قادة فلسطينيين، ومقتل العديد من المدنيين من بينهم أطفال ونساء، عودته عن المقاطعة بالقول “هذه بداية جيدة.. حان الوقت لتغيير السياسة في غزة”.

 ثم إن نتنياهو يحاول من خلال العودة إلى سياسة الاغتيالات وضع الأجندة الأمنية على رأس اهتمامات حكومته، لقطع الطريق على احتجاجات المعارضة المناهضة للإصلاحات القضائية، واحتواء حراكها من خلال شد العصب الداخلي، في محاولة منه لجعل التحديات الأمنية تمثل خطراً داهماً يقتضي توحيد المجتمع الإسرائيلي.

 لم تكن العملية التي أطلقت عليها إسرائيل “الدرع والسهم”، والتي استهدفت ثلاثة قادة فلسطينيين، مفاجئة، بل كان مخططاً لها، و”جاءت متأخرة أسبوعاً”، حسب المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، إذ كان مفترضاً أن تتم بعد الرشقات الصاروخية التي أطلقت من غزة نحو المستوطنات القريبة، وسقطت في الخلاء، إثر وفاة الأسير خضر عدنان في السجون الإسرائيلية، بانتظار أن يستكمل جهاز “الموساد” عملية الاستقصاء بشأن الأهداف المقصودة، والتأكد أنها خارج تحصينات تحت الأرض.

 لا شك في أن هذه العملية الإسرائيلية، والعودة إلى سياسة الاغتيالات، سوف تؤديان إلى تصعيد أكيد، وتعقيد الأوضاع على الساحة الفلسطينية، و توسيع رقعة الصراع، مع ما يمثله ذلك من خطر على الأمن والاستقرار في المنطقة.

 ولئلا ندخل في دوامة جديدة من العنف المتبادل، فقد دعت دولة الإمارات والصين وفرنسا، إلى عقد اجتماع مغلق لمجلس الأمن لبحث التطورات المتعلقة بالتصعيد الإسرائيلي، كما دانت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية الغارة الإسرائيلية التي أسفرت عن مقتل وجرح عدد من الأشخاص، ودعت السلطات الإسرائيلية إلى “وقف التصعيد وعدم اتخاذ خطوات تفاقم التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة”.

 إذا كان نتنياهو يلجأ إلى الخيار الأمني كحلّ لأزمته الداخلية، فإنه بذلك يضع المنطقة كلها أمام مرحلة شديدة الخطورة، خصوصاً أن وزير الحرب، يوآف غالانت، أعلن أن “الجيش الإسرائيلي يستعد لحرب على عدة جبهات”.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

إيران وإسرائيل… الحرب والحديث المرجّم

بقلم عبد الله العتيبي – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم- ضعف أميركا – سياسياً لا …