الرئيسية / مقالات رأي / وعادت سوريا..

وعادت سوريا..

الشرق اليوم- بعد 12 عاماً على تعليق عضويتها في الجامعة العربية، قرر وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الاستثنائي، أمس، في القاهرة عودة سوريا إلى حضنها العربي الذي كانت من مؤسّسيه، وأُخرجت منه في خضم ما يسمى “الربيع العربي” الذي كان بداية حرب دولية ضروس على هذا البلد العربي بغية تدميره، وتفتيت وحدته الوطنية والترابية، وإخراجه من معادلة الصراع مع أعداء الأمة، باعتباره أحد أركان الأمن القومي العربي، ما أحدث خللاً في النظام العربي الذي عانى بعدها من الضعف والوهن، وأصاب العمل العربي المشترك في مقتل.

 ما أصاب سوريا، وغيرها من الدول العربية خلال ال12 عاماً الماضية، كان كارثياً بكل معنى الكلمة، وتركت تداعياته أزمات مصيرية تتعلق بالأمة كوجود من حيث ما تمثله من مصير، وتاريخ، ولغة، وتراث مشترك، وموقع جيوسياسي، ودور في عالم يشهد تحولات كبرى.

إن عودة سوريا إلى موقعها الطبيعي يشكل خطوة مهمة على طريق التعافي العربي، من خلال دورها في تعزيز ركائز العمل العربي المشترك في مواجهة التحديات القائمة، والسعي لاستعادة عافيتها وإمكاناتها، بعد أن تسترد سيادتها على كامل أراضيها، ويتحقق انسحاب كل الجيوش الأجنبية والجماعات المسلحة والإرهابية من مناطق تواجدها، والعمل على إنجاز التسوية السياسية، والحل الشامل الذي يسهّل عودة ملايين النازحين السوريين، وفقاً لقرارات الاجتماع التشاوري الذي عقد في العاصمة الأردنية، قبل أيام، لوزراء خارجية السعودية ومصر والأردن والعراق وسوريا، وقرار مجلس الأمن 2254.

 وإذا كان بإمكان سوريا استئناف المشاركة في اجتماعات مجلس الجامعة منذ الآن، وكذلك مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في قمة الرياض يوم 19 الشهر الجاري، فإن المهمة العربية الفعلية لاستعادة سوريا سيادتها وعافيتها ودورها وإعادة إعمارها جراء ما أصابها من دمار، وهو كبير جداً، يجب أن تبدأ الآن في العمل على مواجهة “قانون قيصر” الأمريكي الذي أعلنه الرئيس السابق دونالد ترامب، وفرض عليها سلسلة عقوبات اقتصادية ومالية قاسية، تمثل “حرباً اقتصادية” مفتوحة على الشعب السوري الذي يعاني منذ تطبيقه عام 2020 وضعاً كارثياً على مختلف المستويات، المعيشية ولاإجتماعية والصحية.

كذلك فإن احتلال القوات الأمريكية والتركية مساحات شاسعة في شمال غرب وشرق سوريا، ووجود قواعد عسكرية ودعم جماعات سورية مسلحة، ووضع اليد على الثروات النفطية السورية، كلها تشكل تحديات أمام استعادة سوريا لسيادتها، وتعيق أي جهد للحل السياسي الذي يفترض تكريس الوحدة الوطنية، وهذا يفترض عملاً عربياً مشتركاً لمواجهة هذه التحديات من خلال ممارسة الضغوط الفعلية على الجهات المعنية، ولدى الدول العربية القدرات والإمكانات لتحقيق إنجاز في هذا المجال، بعد أن تبلورت حالة ثقل عربي حقيقي في مجرى الصراع القائم على النظام الدولي، ودور بات ضرورياً للخروج من حالة التبعية والخوف.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

بأية حال تعود الانتخابات في أمريكا!

بقلم: سمير التقي – النهار العربي الشرق اليوم- كل ثلاثة او أربعة عقود، وفي سياق …