الرئيسية / مقالات رأي / ​كردستان: من الخلاف مع حكومة بغداد إلى الخلاف الدّاخلي بين الحزبين الكرديّين

​كردستان: من الخلاف مع حكومة بغداد إلى الخلاف الدّاخلي بين الحزبين الكرديّين

بقلم: محمد رياض اسحاق – النهار العربي

الشرق اليوم– إقليم كردستان العراق، المنطقة الغنية بالنفط والغاز، المستقرة أمنياً ومحط جذب الشركات الأجنبية والمستثمرين في كل القطاعات، تواجه حكومتها تحديات داخلية  كثيرة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، إضافة إلى المشكلات العالقة مع الحكومة الاتحادية، وأبرزها حصة الإقليم من الموازنة العامة والمستحقات المالية وقانون النفط والغاز. هذه التحديات تهدد مصالح الإقليم، وتؤثر مباشرةً في حياة المواطنين الأكراد، وتزعزع استقرار هذه المنطقة في حال عدم حلحلتها بأسرع وقت ممكن، والمضي نحو إجراء اتفاقات وتفاهمات حقيقية للخلافات الداخلية بين الحزب الديموقراطي الكردستاني المسيطر على محافظتي أربيل ودهوك وأغلب المفاصل الحكومية المهمة في الإقليم والاتحاد الوطني الكردستاني المسيطر على محافظة السليمانية.

وتفجرت أخيراً حدة التوترات بين الحزبين بعد انسحاب وزراء الاتحاد الوطني من حكومة إقليم كردستان التي يرأسها مسرور برزاني، ومقاطعتهم جلسات مجلس الوزراء، ووصفها بأنها “أسوأ الحكومات في تاريخ الإقليم الذي يدفع ثمن سياسته غير الشفافة في إدارة قطاع النفط”، وتبادل الاتهامات. وهناك محاولات ومبادرات يقوم بها الحزب الديموقراطي لإقناع وزراء الاتحاد ونائب رئيس وزراء الإقليم قوباد طالباني بالرجوع والمشاركة في جلسات مجلس الوزراء، لكن الاتحاد يرفض ذلك لغاية الآن، وقد وصف عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني ستران عبد الله، في تصريحات إلى وسائل إعلام محلية، الحكومة الحالية بحكومة الأزمات، وبأنها لم تنجح في أداء مهامها وواجباتها الوظيفية تجاه شعب كردستان، ولم تتمكن من تنفيذ البرنامج الذي أعدته، ولم تنفذ الإصلاحات المطلوبة. كما لم تتمكن من توحيد جوانب الحكم في إقليم كردستان.

هنا تجدر الإشارة إلى أن حكومة الإقليم سابقاً كانت تصدّر النفط الخام إلى تركيا عبر ميناء جيهان التركي بمعدل 450 ألف برميل يومياً من دون إذن الحكومة الاتحادية وموافقتها، ما يعتبر مخالفة قانونية، إذ كان يباع نفط الإقليم منفرداً وبسعر مخفض عن السوق العالمية، إلى أن أصدرت هيئة التحكيم الدولية في باريس قراراً يقضي بعدم شرعية هذه الصادرات وتم إيقاف التصدير في الخامس والعشرين من آذار (مارس) الماضي، وتم توقيع اتفاق في الرابع من نيسان الماضي بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية لغرض استئناف تصدير النفط في خطوة تعتبر إيجابية، لأنها قد تمهد الطريق لإقرار قانون النفط والغاز العالق منذ سنوات في البرلمان العراقي وبداية انفراجه لحسم الإشكالات على ملف نفط الإقليم. وتضمن هذا الاتفاق بنوداً أبرزها تسليم 400 ألف برميل من نفط الإقليم إلى شركة “سومو” بحسب حصة الإقليم المثبتة في الموازنه العامة، وتشكيل لجنة رباعية مشتركة للإشراف والرقابة على عملية البيع وفتح حساب مستقل لدى البنك المركزي لإيداع المبالغ المالية فيه، وتسمية ممثل لحكومة إقليم كردستان في شركة تسويق النفط (سومو) في منصب معاون المدير العام للشركة.

إن الخلاف بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية على ملف نفط الإقليم وطريقة استخراجه وتسويقه وبيعه ليس وليد اللحظة، بل قائم منذ عام 2014 . من جانب آخر تراقب واشنطن بقلق بالغ التوترات الأخيرة بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديموقراطي الكردستاني، كما أن بغداد أيضاً تراقب هذا التوتر عن كثب. وتنتظر حكومة الإقليم الكثير من الملفات الشائكة التي تحتاج حسمها مع الحكومة الاتحادية عن طريق الحوار والتفاوض، وأهمها موضوع إقرار قانون النفط والغاز الاتحادي.

إن الدور المحوري الذي لعبه الاتحاد الوطني الكردستاني على مدى 48 عاماً من التضحيات والنضال من أجل القضية الكردية، لا تنفع محاولات النيل منه بأي طريقة من الطرق، وآخرها استهداف مطار السليمانية الدولي لغرض الإخلال بأمن محافظة السليمانية، لأن الاتحاد ليس مجرد حزب بل إرث وطني وسياسي وتاريخي، من هنا نستذكر دور الزعيم الراحل مام جلال طالباني مؤسس الاتحاد الوطني الكردستاني في جمع الفرقاء والخصوم والأحزاب والتيارات الوطنية في مرحلة النضال وبعد سقوط النظام السابق عام 2003 إلى طاولة الحوار، رغم التنافرات والتجاذبات بينهم، وله دور فاعل في كتابة أول دستور عراقي منتخب في تاريخ البلاد.  

شاهد أيضاً

إنصاف «الأونروا»

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث …