الرئيسية / مقالات رأي / مخاطر انهيار السودان على دول الجوار أيضاً

مخاطر انهيار السودان على دول الجوار أيضاً

بقلم: علي حمادة – النهار العربي

الشرق اليوم- أبلغ ما قيل عن فداحة الوضع في السودان ما أدلى به رئيس حكومة السودان السابق عبدالله حمدوك قبل يومين في العاصمة الكينية نيروبي، عندما حذر من تداعيات الحرب ليس فقط على السودان بل على كل المنطقة. قال إن “الحرب يجب أن تتوقف، فهذا (السودان) بلد ضخم واعتقد انه سيكون كابوساً للعالم. هذه ليست حرباً بين جيش وتمرد صغير، إنها تقريباً بين جيشين مدربين تدريباً جيداً ومسلحين جيداً”. أضاف: “اذا كان السودان سيصل الى نقطة حرب أهلية حقيقية فإن سوريا و اليمن ستكون مجرد مبارزات صغيرة”.

هذا كلام يعكس خطورة الوضع في السودان التي لم تعد خافية على أحد، فعلى الرغم من الهدن المتتالية التي لم تصمد كثيراً، لم تتغير طبيعة المواجهة على الأرض، وبدأت المخاوف تكبر حيال امكان تمدد الصراع الى كامل المساحة السودانية بعد ان تعذر إيقاف القتال في العاصمة المركزية الخرطوم. فانتقال المعارك بوجه قبلي الى منطقة دارفور المحاذية للحدود مع التشاد، والتي تتمتع بتاريخ دموي طويل وقاس الى حد بعيد، ينذر بتمددها في مناطق أخرى حيث صراع الهويات العرقية والقبلية حقيقة من حقائق تكوين السودان، وخصوصاً أن استمرار تردي الأوضاع الأمنية والعسكرية في البلاد سيسرع من انهيار مؤسسات الدولة غير العسكرية، وسيحول دون تمكن مؤسساتها الأمنية   والعسكرية من ضمان تماسك الدولة، مع احياء مضطرد لعملية تسليح قبلي وجهوي ذاتي بذريعة المحافظة على الأمن الذاتي في الولايات في بلد مترامي الأطراف.

صحيح أن الخطر الأول يستهدف وحدة السودان نفسه، لكنه يستهدف أيضاً أمن دول الجوار القومي من مصر الى كينيا وصولاً الى الواجهة البحرية على البحر الأحمر المطلة على الممكلة العربية السعودية واليمن صعوداً الى مصر، إسرائيل والأردن. ولمنطقة القرن الافريقي الملاصقة تاريخ طويل من النزاعات الداخلية المصحوبة بتدخلات خارجية أدت الى تفكيك الدول الوطنية والكيانات المتنوعة بتركيبتها، مثل الصومال وارتيريا. كما ان اثيوبيا لا تزال تعاني من الصراعات الدموية التي كلفت وتكلف الكثير على المستويين الإنساني والاقتصادي، واضعة على الدوام وحدة البلاد في الميزان. وما من شك في ان مصر معنية اكثر من غيرها بما يحصل في السودان. و مشكلتها أنها إن تدخلت في اتجاه او في آخر وقعت في فخ لا خروج منه، و ان لم تفعل شيئاً فإنها ستكون شاهدا على تفكك ما تبقى من السودان، و انتشار القلاقل و النزاعات الى ما خلف الحدود . انها معضلة كبيرة للامن القومي المصري، مثلما تشكل قلقاً بالغاً في المدار الخليجي   وبالتحديد للجار الأقرب أي المملكة العربية السعودية المعنية بتوسيع نطاق الهدوء والاستقرار في محيطها الجيوسياسي من أجل التفرغ لمسيرة التنمية المتعددة المستويات التي تدفع بها بكامل طاقتها ضمن رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

إن ما قاله عبدالله حمدوك هو ما يقوله جميع المختصون بالشأن السوداني، وبمنطقة شمال شرق القارة السمراء. فتفاقم النزاع في السودان كما يبدو عليه الحال اليوم هو خطر كبير على جميع دول المنطقة. من هنا أهمية الوساطات التي تطل برأسها من زاوية دول الخليج وفي مقدمها السعودية والامارات فضلاً عن الولايات المتحدة التي تتمتع بثقل كبير في الملف السوداني. لا بد من وقف اطلاق النار، والعودة الى مندرجات “اتفاق الاطار ” مع إمكانية ادخال تعديلات عليه. انما لا سبيل للحل سوى باسكات المدافع والعودة الى طاولة التفاوض السياسي، بشراكة كاملة من المستوى السياسي المدني، و بضمانات إقليمية ودولية ذات صدقية. ان مصلحة دول الجوار تقضي ليس بإنقاذ السودان فحسب بل بإنقاذ المنطقة من حرب أهلية طاحنة ستمتد لاعوام مقبلة  وستستدرج الجوار عنوة الى جحيم كبير .

شاهد أيضاً

أيهما أخطر؟

بقلم: محمد الرميحي – النهار العربي الشرق اليوم- جاء الزمن الصعب لنسأل أنفسنا: أيهما الأكثر …