الرئيسية / مقالات رأي / عن مصير الغنوشي و”النهضة”

عن مصير الغنوشي و”النهضة”

الشرق اليوم- لا يزال راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية الإخوانية قيد التحقيق على خلفية اتهامه بعقد لقاءات مع عناصر إرهابية ودعوته إلى حرب أهلية، على أن يمثل بعدها أمام القضاء وفقاً للفصلين 68 و72 من القانون الجزائي التونسي، كما تم توجيه التهم نفسها إلى 12 من قيادات “النهضة”، من بينهم أعضاء المكتب السياسي محمد القوماني وبلقاسم حسن ومحمد بوشنيبة، وفي حال إدانتهم سوف تكون عقوبتهم السجن.

 هذه الاتهامات سوف تكون مدخلاً لملفات أخرى لا تزال مفتوحة، مثل إرسال مجموعات إرهابية إلى سوريا والعراق، واغتيال السياسيين المعارضين شكري بلعيد ومحمد الإبراهيمي عام 2013، والحصول على تمويلات أجنبية، حيث تؤكد التحقيقات التي جرت بشأن عمليتي الاغتيال ضلوع عناصر في حركة النهضة فيهما.

 ما جرى حتى الآن هو أن الغنوشي متهم ب”التآمر على أمن الدولة”، ما يجعل مصيره ومصير حركة النهضة غامضاً، خصوصاً أن قوات الأمن أغلقت كافة مقرات الحركة بما فيها مقرها المركزي.

 لكن من المتوقع أن يصار إلى اتخاذ المزيد من الخطوات لمحاصرة الحركة التي هيمنت على الحياة السياسية منذ العام 2011، وأدخلت تونس في أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية خانقة، ولا يُستبعد أن يصار في حال توجيه اتهامات رسمية إلى الغنوشي وبقية المعتقلين، صدور قرار بحظر نشاط الحركة وتصنيفها منظمة إرهابية، وبذلك تكون الحركة قد كتبت نهايتها.

 يذكر أن الحركة تعاني في الأساس انقسامات داخلية، بعد استقالة عدد من قياداتها مثل عبد اللطيف المكي وعبد الحميد الجلاصي، والأمين العام السابق للحركة حمادي الجبالي والمحامي سمير ديلو، احتجاجاً على سياسة التفرد التي يمارسها الغنوشي الذي انتهت مدة ولايته لرئاسة الحركة منذ العام 2020.

 واقع حال الحركة في تونس يتماهى مع واقع حال “جماعة الإخوان” في مصر، كما حال كل جماعات الإسلام السياسي التي تلبس رداء الديمقراطية للوصول إلى السلطة، ثم تمارس بعدها التسلط والهيمنة والإقصاء والتغلغل في مؤسسات الدولة من خلال استخدام الدين مطية للوصول إلى السلطة، وتغيير البنية السياسية والاجتماعية بما يتوافق مع مبادئها التي ترفض الدولة ككيان سياسي واجتماعي ما لم تلتزم بفكرة الأمة الموحدة بالعقيدة الدينية، وصولاً إلى إقامة دولة الخلافة.

 لا شك أن تونس في عهد الرئيس قيس سعيّد تمر بمرحلة مفصلية في تاريخها، بعد انتفاضة العام 2011 ووصول حركة النهضة إلى السلطة محمولة على تأييد شعبي وازن باعتبارها القوة السياسية الأكثر تنظيماً، والأكثر قدرة على التجييش واللعب على مشاعر المواطنين كحركة تعرضت للظلم، وتحمل مشروعاً للإنقاذ، لكن سرعان ما أدرك التونسيون أنهم تعرضوا للتضليل، وبدأت الحركة بالانحسار كما حصل في الانتخابات الأخيرة، بسبب كثرة الوعود التي أغدقتها، وعدم قدرتها على الوفاء بوعودها ما أسقطها في التناقض، وأسهم في فضح أكاذيبها، ثم فشلها في ممارسة الحكم وتحقيق الحد الأدنى من احتياجات التونسيين، إضافة إلى انتهازيتها وممارسة المحاباة.

شاهد أيضاً

بأية حال تعود الانتخابات في أمريكا!

بقلم: سمير التقي – النهار العربي الشرق اليوم- كل ثلاثة او أربعة عقود، وفي سياق …