الرئيسية / مقالات رأي / هل أمريكا ديمقراطية؟

هل أمريكا ديمقراطية؟

الشرق اليوم- القمة الثانية “من أجل الديمقراطية” التي نظمها الرئيس الأمريكي جو بايدن مؤخراً بمشاركة 121 دولة لم يكن هدفها الديمقراطية بحد ذاتها، بقدر ما كانت من أجل المضي في الحشد الدولي في مواجهة الصين وروسيا والإيحاء بأن الولايات المتحدة ما زالت قادرة على قيادة النظام العالمي منفردة.

 حاول بايدن في هذه القمة، كما في القمة السابقة أن يقسّم العالم بين دول ديمقراطية وأخرى استبدادية، وأن الولايات المتحدة تقود معركة الديمقراطية ضد الاستبداد في العالم، معطياً لنفسه حق اختيار الدول الديمقراطية من عدمها.

 يؤكد بايدن على “القيم الديمقراطية التي تقع في صميم نظامنا الدولي، والتي كانت بمثابة العناصر التأسيسية لعقود من النمو والازدهار العالميين”، ويقول أيضاً “إن الاستبداد لا يمكن أن يطفئ جذوة الحرية التي تشتعل في قلوب الناس في جميع أرجاء العالم، فهي لا تعرف الحدود، وتتحدث بجميع اللغات”.

 يحاول الرئيس الأمريكي أن يظهر الولايات المتحدة بأنها ديمقراطية بالفعل وأنها ضد الاستبداد، لكن هل هي كذلك بالفعل؟

 يقول بروس جنتلسون أستاذ العلوم السياسية في جامعة ديوك بأن هذه القمة “كانت على الدوام فكرة سيئة”، موضحاً “لدينا مشاكل أكبر من مشاكل أي ديمقراطية غربية أخرى”.

 ثم، إن الدولة الديمقراطية الحقيقية لا تعتبر الحروب والهيمنة ونشر مئات القواعد العسكرية في العالم جزءاً من قيمها، ولا دعم الأنظمة الاستبدادية وتدبير الانقلابات ضد أنظمة منتخبة ديمقراطياً جزءاً من المعركة ضد الاستبداد. كما أن الديمقراطية والحديث عن “استقرار الاقتصادات” و”النمو الاقتصادي” لا تستقيم مع معاقبة الدول وحصارها وتجويع شعوبها وزعزعة اقتصادها وحرمانها من الخدمات الأساسية.

 ثم هناك علاقة حتمية بين الديمقراطية وحقوق الإنسان، فهل كان غزو العراق مثلاً وما جرى من انتهاك لحقوق الإنسان وإهدار لكرامته في سجن أبو غريب، أو ما جرى في معتقل غوانتانامو، وفي أفغانستان تكريساً للديمقراطية، أم إطفاء لجذوة الحرية؟

 إن الديمقراطية تفترض “حكم الشعب” وفقاً لأصولها اليونانية القديمة، فهل الديمقراطية الأمريكية هي المثال لذلك؟ ومن مقومات الديمقراطية إجراء انتخابات نزيهة وشفافة وغير ملوثة بالمال، فهل الديمقراطية الأمريكية تكفل ذلك؟

 ليس خافياً دور المال السياسي في الانتخابات التشريعية والرئاسية، وهو مال تمنحه جماعات الضغط من لوبيات مختلفة لدعم المرشحين في حملاتهم الانتخابية، إذ تقوم جماعات الضغط هذه بدور كبير في التأثير في السياسة الأمريكية، وتستطيع تمرير القوانين التي تخدم مصالحها في الكونغرس بمعزل عن موقف الناخبين.

 يقول المؤرخ والبوفيسور لورنس ويتنر عن دور المال في الانتخابات الأمريكية إن “المال أصبح عاملاً أساسياً في السياسة الأمريكية”، ويقول “مركز برينان للعدالة”: نريد الاعتقاد بأن “ديمقراطيتنا تقوم على أساس شخص واحد، ناخب واحد، لكن الأثرياء يلعبون دوراً أكبر من الناخبين”.

 وخلافاً لم يعتقده الكثيرون، فإن الأمريكيين لا ينتخبون رئيسهم مباشرة، بل يتم حسم نتيجة الانتخابات في “المجمع الانتخابي” الذي يضم 538 مندوباً، بمعزل عن عدد الأصوات التي يحصل عليها شعبياً.

 وبعد.. هل يحق لأمريكا أن تفرض نفسها قيّماً على الديمقراطية أو أن تصنف الدول بين ديمقراطية واستبدادية؟

شاهد أيضاً

تركيز أميركي على إبعاد الصين وروسيا عن أفغانستان!

بقلم: هدى الحسيني- الشرق الأوسطالشرق اليوم– لا شك في أن كل الأنظار تتجه إلى التطورات …