الرئيسية / مقالات رأي / هل يكسب نتنياهو معركته داخلياً وخارجياً؟

هل يكسب نتنياهو معركته داخلياً وخارجياً؟

بقلم: د.طارق فهمي – صحيفة الاتحاد

الشرق اليوم- بصرف النظر عن انتهاء المواجهات العسكرية مع قطاع غزة، والاستهداف الحذر لجبهة حزب الله، إضافة لتسخين مسرح العمليات في الجنوب السوري بصورة دورية ومكررة، والعودة التكتيكية لإستراتيجية الردع الاستباقي للجبهات المناوئة وفق التقييمات الاستخباراتية الإسرائيلية، فإن السؤال المطروح: هل ينجح رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في كسب المواجهة على الجانب الآخر، وعلى المستوى السياسي مع قوي اليسار والمجتمع العلمي والعسكري؟ وما هي بدائله في التعامل والتحرك على المسارات الحالية؟ وكيف يفكر الرجل في المواجهة في ظل خروجه لمواجهة عسكرية لبعض الوقت بصرف النظر عن أهدافه العليا مما يجري، ولفت نظر الجمهور الإسرائيلي لخطورة ما يجري، وفي ظل استمرار المناكفات مع الإدارة الأمريكية التي لم توجه له الدعوة الرسمية بعد لزيارة البيت الأبيض، ولقاء الرئيس جو بايدن؟

الواقع الفعلي لما يجري في إطار المواجهات العسكرية المتصاعدة واستمرار حالة الحراك الشعبي في إسرائيل يشير إلى أن نتنياهو نجح بمهارة في الصمود في مواجهة ما يجري حتى الآن محتفظاً بموقعه في قيادة المشهد الحزبي داخل الائتلاف ليس بصفته زعيما لليكود، ولكن لكل الدولة العبرية بأكملها.

نتنياهو تجاوز للوهلة الأولى الدخول في مواجهات مفتوحة، ولم يذهب إلى القاعدة البديلة للتجاوب مع الشارع والقوي المناوئة، وهو ما يؤكد على أنه لن يقدم على أية تنازلات خلال الفترة المقبلة حتى مع استمرار التظاهرات في الشوارع بل لجأ إلى خيارات مهمة للتعامل حيث ذهب إلى مواجهة خاطفة مع حركة “حماس”، ونقل رسالة قوية إلى “حزب الله”، وانتقل – وفي نفس التوقيت – إلى المواطن الإسرائيلي مذكراً الجميع بأنه من حكم إسرائيل لسنوات طويلة، وأنه لا يوجد له منافس حقيقي برغم ما يدور في “الليكود” من مناقشات على البديل المحتمل – ولو على المدى البعيد – واتجه إلى التجاوب مع مكونات الائتلاف. وبدأ في تنفيذ استحقاقات الشراكة الحزبية مع مكونات الائتلاف حيث تجاوب مع وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير بإنشاء “الحرس القومي”، ودفع “الكنيست” إلى التعامل مع التشريعات العاجلة على أنها أولوية حقيقية، وليست مجرد مشروعات قوانين.

ومن ثم، فإن رئيس الوزراء نتنياهو سيعمل على عدة مسارات مستقبلية للمرور من الواقع الراهن حتى بافتراض تكثف حالة التظاهرات وتجدد أية مواجهات مع جبهات دول الجوار، وبالتالي فإن نتنياهو سيعمل على تحييد القوي المناوئة له في الحكومة، وهم مجموعة الصغار كما يطلق عليهم رئيس الوزراء نتنياهو، وسيذهب لتمتين علاقاته الحزبية مع قادة المستوطنين، وهم من يدفعون به إلى الواجهة على اعتبار أن برنامج الحكومة ليس هو برنامج “ليكود”، بل لكل الجمهور الإسرائيلي مع التركيز على قوته الحزبية في الشارع بدليل أنه عمل على استدعاء الجمهور الإسرائيلي الداعم له خلال الفترة الأخيرة، ونزل آلاف منهم في الشوارع تأييدا له.

من المرجح ألا يميل الرجل لخيارات وسط، أو توافقية في ظل مشهد لن يطول بالحديث عن التوافقات الكبرى، وجمع الصف القومي في مواجهة الأغيار من عرب الداخل والفلسطينيين مع عدم الصدام بأي من الشرائح التي تريد تصدير أزمة له، وهم مجموعات من العسكريين المتقاعدين، والسياسيين السابقين، وبعضهم متهم في قضايا فساد، ويحاكم ورجال ميديا معروف توجهاتهم.

نتنياهو الخبير بوقائع السياسة الحزبية، وتقلباتها الدورية سينتظر مرور الأيام المتبقية لما بعد الأعياد اليهودية للتحرك إلى الأمام من داخل الكنيست بهدف زحزحة الأزمة الحزبية، والعمل على تنفيذ مخططه تدريجيا مع امتصاص حالة الاحتقان الحالية لدي شرائح المجتمع باعتبارها تعمل لغير صالح إسرائيل، وهو ما يسوق له إعلاميا وسياسيا، وفي اتجاهات الحفاظ على الاستقرار السياسي كما يشير دائما في خطابه السياسي والإعلامي.

يقينا لن يقبل نتنياهو الدخول في مقايضات حزبية من داخل الائتلاف الراهن، أو خارجه بهدف أن تستقر الأوضاع الأمنية فقد عاد وزير الدفاع يوآف جالانت إلى موقعه لمباشرة مهامه الرسمية مجددا في إطار لعبة السياسات الحزبية المعقدة، والتي تحتاج إلى تربيطات حقيقية وقوية، وإن كانت مرنة في بعض الأحيان،وستبقى عين نتنياهو دائما على أي وزير يمكن أن يمثل حضوره السياسي أو الحزبي قلقا، أو تحفظا على سياساته داخليا أو خارجيا في الفترة المقبلة.

شاهد أيضاً

إسرائيل تختار الصفقة بدلاً من الرد الاستعراضي

بقلم: علي حمادة – صحيفة النهار العربي الشرق اليوم– تجنبت ايران رداً إسرائيلياً استعراضياً يفرغ …