الرئيسية / مقالات رأي / روسيا واستراتيجيتها الجديدة

روسيا واستراتيجيتها الجديدة

الشرق اليوم- كانت آخر مرة قامت فيها روسيا بتحديث مفهوم السياسة الخارجية في عام 2016، يومها لم تكن العلاقات بينها وبين الدول الغربية، وخصوصاً الولايات المتحدة قد وصلت إلى هذا الحد من التوتر والصراع، ولم تلجأ إلى استخدام تعابير وتوصيفات مثل “الهيمنة” و”الدول غير الصديقة”، و”استخدام القوات المسلحة لصد أي هجوم مسلح عليها وعلى حلفائها”، وأن الولايات المتحدة “هي المصدر الرئيسي للمخاطر على أمنها والسلام الدولي”، و”مصدر تهديدات وجودية لروسيا”.

 مع الحرب الأوكرانية، واتساع المشاركة الأمريكية والأطلسية فيها من خلال الإمدادات العسكرية والمالية غير المسبوقة لأوكرانيا، عدلت روسيا وثائق التخطيط الاستراتيجي الرئيسية التي تشكل خريطة طريق لوزارة الخارجية الروسية، كي “تتماشى مع الواقع، وإيلاء الاهتمام لتوسيع العلاقات مع الشركاء، وتهيئة الظروف للدول المعادية للتخلي عن سياساتها”، حسب تعبير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء التوقيع على الخطة الجديدة يوم الجمعة الماضي.

 تقع الوثيقة في 42 صفحة موزعة على فصول تحدد التغييرات التي طرأت على نظرة روسيا للعالم، لا سيما علاقة “المواجهة المتزايدة مع الغرب” (الولايات المتحدة وأوروبا)، إضافة إلى العلاقات مع كل من الصين والهند والعالم الإسلامي ودول القوقاز، وإفريقيا.

 مياه كثيرة وكلها عكرة، جرت تحت جسر العلاقات الروسية – الغربية خلال العام المنصرم، أدت إلى تغيير كبير في نظرة روسيا للعالم، انعكست في وثيقة السياسة الخارجية الروسية، وكانت أكثر وضوحاً في تحديد المواقف بأن “روسيا لا تعد نفسها عدواً للغرب، ولا تنعزل عنه وليس لديها نوايا عدوانية”، لكنها من جهة أخرى تعد “أن مسار واشنطن هو المصدر الرئيسي للأخطار التي تهدد أمنها والسلام العالمي”، وأنها “تتمسك بأولوية العمل من أجل تصفية الهيمنة الأمريكية ومخلفاتها في العالم”، وهذا ما توقف عنده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بإشارته إلى أن الولايات المتحدة هي “المبادر والمحرض الرئيسي على انتهاج الخط المناهض لروسيا؛ بهدف إضعافها من جميع النواحي، ما يمكن اعتباره حرباً هجينة من نوع جديد”.

وأكدت الوثيقة أن “الإجراءات المعادية لروسيا التي تتخذها الدول الغربية، ستواجه باستمرار، وبقسوة إذا لزم الأمر”، وهذا يعني أن المواجهة باتت مفتوحة بين روسيا والدول الغربية من أجل “القبول بحقيقة تعددية الأقطاب، والعودة إلى التفاعل على أساس مبادئ المساواة في السيادة، واحترام المصالح والمعاملة بالمثل”.

 وبشأن العلاقات مع القارة الأوروبية، فتحدثت الوثيقة عن “المنطقة الأوروبية”، وقالت: إن معظم دولها “تنتهج سياسة عدوانية تجاه روسيا، تهدف إلى خلق تهديدات لأمن وسيادة الاتحاد الروسي، فضلاً عن تعميق خطوط الانقسام في المنطقة الأوروبية”.

 وتوقفت الوثيقة عند العلاقات مع الدول العربية والإسلامية، وأهمية تعميق العلاقات معها، كما عدّت أنه من “المهم جداً التعميق الشامل للعلاقات والتنسيق مع مراكز القوى العالمية السيادية الصديقة؛ وهي الهند والصين”.

 الاستراتيجية الروسية للسياسة الخارجية تبدو واضحة، ولا تحتاج إلى تفسيرات مختلفة، فهي تحدد الأعداء والأصدقاء، وكيفية التعامل معهم للسنوات المقبلة.

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …