الرئيسية / مقالات رأي / التهدئة قبل فوات الأوان

التهدئة قبل فوات الأوان

الشرق اليوم- ينذر تجدد الاقتحامات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية، وما تخلّفه من ضحايا، بتفجّر دوامة عنف جديدة قد يصعب الخروج منها، وبما يعود بالضرر على جميع الأطراف، ويعرقل الجهود، الإقليمية والدولية، لإحياء مسار السلام. وبما أن إسرائيل هي القوة القائمة بالاحتلال فإنها تتحمل المسؤولية الأكبر في خفض التصعيد، والامتناع عن أي إجراءات أحادية من شأنها أن تفاقم التوتر، وتقوّض الاستقرار في المنطقة.

وقبل حلول شهر رمضان المبارك، تتكثف المساعي للتهدئة، وتتوالى النداءات، إلى إسرائيل وجيشها ومستوطنيها، لوقف الاعتداءات اليومية حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة. وسمع قادة تل أبيب من أقرب حلفائهم دعوات عاجلة إلى تدارك المخاطر المحدقة قبل أن تزيد رقعة انعدام الأمن، قال ذلك وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، عندما زار إسرائيل، الأسبوع الماضي، معرباً عن قلق واشنطن الصريح من اتساع عنف المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين، والمثال الحي على ذلك، الاعتداء المشين على بلدة حوارة الذي دانته أغلبية دول العالم، وكل القوى الفاعلة، الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا والصين.

ومن المؤسف أن هذه النداءات لم تلق استجابة عملية، فالاستفزازات لم تتوقف، ولا يكاد يمر يوم من دون أن يقتحم الجيش الإسرائيلي مدينة فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة. أما انتهاكات المستوطنين بحق المدنيين الفلسطينيين وقراهم ومزارعهم، فقد تجاوزت كل الخطوط الحمراء، مدفوعة بخطاب تحريضي من بعض المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، وأولهم وزير الأمن اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، الذي تلقى خطاباته العنصرية رفضاً، حتى في إسرائيل ذاتها، فضلاً عن المجتمع الدولي برمّته.

القوى الدولية تريد التهدئة في الأراضي الفلسطينية، وتحث إسرائيل على التوقف عن كل السياسات التي من شأنها تأزيم الأوضاع. فالتهدئة اليوم أصبحت ضرورة ملحّة، ويجب أن تتكثف المساعي لتثبيتها قبل فوات الأوان، وقبل أن تكون العاقبة بالغة السوء. وفي هذا التوقيت أيضاً، يجب أن تستمع إسرائيل إلى دعوات القوى المحبة للسلام، وأن تتوقف عن خطط الاستيطان المعلنة، وتستجيب لإرادة المجتمع الدولي، وقرارات مجلس الأمن الرافضة لأي تغيير، أو استيلاء على الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد الخامس من يونيو/ حزيران 1967.

وإذا كانت هناك رغبة إسرائيلية في السلام والتسليم بالحقوق الفلسطينية المشروعة، فإن الأوضاع يمكن السيطرة عليها، وإبعادها عن حافة الهاوية. وما يدفع إلى هذا الأمل النسبي أن هناك تحركات دولية جادة في هذا المسار، مع حرص متزايد على «حل الدولتين» الذي ما زال خطة قائمة تؤمن بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب إسرائيل.

وفي تحرك نادر، زار وفد صيني رفيع المستوى مدينة رام الله، والتقى عدداً من المسؤولين الفلسطينيين، وشدد مبعوث بكين الخاص إلى الشرق الأوسط، تشاي جيون، على الدعم الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وحماية حقوقه المشروعة، وضرورة وقف الاستيطان وسياسات الهدم والضم. وهذا التحرك محمود في هذا التوقيت، لأن حل القضية الفلسطينية وإرساء السلام في المنطقة بحاجة إلى مواقف دولية حاسمة، وربما سيكون للصين دور ما، في تسوية هذه القضية، حتى تنعم شعوب المنطقة والعالم بالأمن، ويشمل الاستقرار الجميع.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

مسعى ميلوني الأخير في تونس

بقلم: أحمد نظيف- النهار العربيالشرق اليوم– قبل حضورها اجتماع المجلس الأوروبي الأربعاء المقبل في بروكسل، …