الرئيسية / الرئيسية / ماكرون وازدواجية الغرب

ماكرون وازدواجية الغرب

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- من حيث أراد أن يهاجم روسيا، ويحمّلها كل خطايا النظام العالمي، اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أيام أمام مؤتمر ميونخ للأمن بفقدان دول الغرب ثقة الجنوب العالمي.

ربما لا يقرّ كثيرون في الغرب بما قاله ماكرون عن ازدواجية المعايير الغربية، وربما لا يشاطره زعماء الغرب وسياسيوه القلق من تسبب ذلك في تبدد ثقة دول الجنوب بالأسس التي يقوم عليها تعاطي الدول الكبرى مع نظيرتها النامية في أكثر من منعطف.

حسناً فعل الرجل وهو يبوح بهذا القلق أمام المؤتمر، ويستفيض في عرض مبررات غياب التوازن العالمي، وإن أراد أن يخلص في النهاية إلى “عدم التزام أحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي بالقواعد”، قاصداً بالطبع روسيا التي جاءت رسائله إليها أيضاً، فيما يخص ملف أوكرانيا، متناقضة أو مرتبكة بتوصيف قوى غربية.

في موضوع غياب التوازن وفقدان الثقة، وهو الأمر غير المفاجئ؛ لأنه مستقر منذ زمن بعيد في يقين الدول النامية، لم يجد الرئيس الفرنسي في ذاكرته أقرب من تفشي وباء “كورونا”، للتدليل على صوابية اعترافه.

قال ماكرون: إن الكثير من الدول النامية لم تحصل على الموارد المالية الموعودة، لتجاوز آثار الوباء والتعافي الاقتصادي، وإن الدول الغربية تقدم أموالاً أكثر لأوكرانيا في نزاعها مع روسيا. والغاية أن يقول: إن روسيا السبب في ازدواجية المعايير الغربية على الرغم من أن الباحث عن أسباب تسبق هذا الصراع وستليه، يعييه التعداد.

وعلى الرغم من إحالات مصطلح جنوب العالم، أو الجنوب العالمي، أو دول الجنوب المرتبطة أساساً في دراسات ما بعد الاستعمار بالفقر وتردي الأوضاع في مواجهة الشمال الغني المتقدم، فإن ماكرون اكتشف فجأة أولوية “تعزيز التضامن”، والحاجة إلى تنظيم مؤتمر في باريس في يونيو/ حزيران المقبل، لهذه الغاية.

ووعد الرجل بالمساعدة في إصلاح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والإسراع به، وكذلك إعادة بناء النظام العالمي، ليكون أكثر شمولاً.

ربما تزامن مع هذه الاعترافات انضمام إيستر لين، الأمينة العامة للكونفيدرالية الأوروبية للنقابات، إلى تظاهرات الاتحاد العام للشغل في تونس ومخاطبتها المتظاهرين بالقول: “نقول للحكومات، ارفعوا أيديكم عن نقاباتنا العمالية، حرروا قادتنا. أتيت هنا لإيصال صوت تضامن 45 مليون نقابي ونقابية من أوروبا”.

وفي شأن الازدواجية التي اعترف بها ماكرون، ألم تكن ساحات الاعتراض الفرنسية على مشروع إصلاح نظام التقاعد أقرب إلى المسؤولة الأوروبية التي أمر الرئيس التونسي في النهاية بطردها؟

أليست النقابات وقوى المعارضة الفرنسية أولى بدعم الأمينة العامة للكونفيدرالية الأوروبية للنقابات؟

أليس من صور الازدواجية موقف البرلمان الأوروبي من ملف الصحافة وحرية التعبير في المغرب، الذي تتوالى الردود المغربية عليه وصولاً إلى مرحلة تقييم للعلاقة مع هذا البرلمان؟

ذلك وغيره من صور ازدواجية المعايير تزخر بها ملفات العلاقات بين جنوب العالم وشماله التي لم يدركها الرئيس الفرنسي إلا حين أراد التأسيس عليها، لمهاجمة روسيا على خلفية نزاعها مع أوكرانيا، وهو أيضاً ملف مثقل باختلال المعايير.

شاهد أيضاً

التأثير السلبي لحرب غزة على الأوضاع الحقوقية في إسرائيل

الشرق اليوم-  الصراع في غزة قد فاقم من حالة حقوق الإنسان في إسرائيل، وأشار التقرير …