الرئيسية / مقالات رأي / بين الحرية والكراهية

بين الحرية والكراهية

الشرق اليوم- تحت ستار حرية التعبير المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يتم انتهاك حقوق الآخرين الذين يختلفون في الرأي أو المعتقد أوالدين أو اللغة أو الانتماء القومي.

ما جرى في السويد مؤخراً من قيام راسموس بالودان زعيم حزب “الخط المتشدد” اليميني المتطرف، بإحراق نسخة من القرآن الكريم، بحماية قوات الشرطة، وما جرى في هولندا من قيام إدوين واغنسفيلد زعيم “جماعة بيغيدا” المتطرفة المناهضة للإسلام على تمزيق نسخة من القرآن الكريم، هو شكل من أشكال العدوان على الحرية، لأنها تدخل في صميم أعمال العنصرية والكراهية التي تستهدف الآخر المختلف دينياً وعرقياً، وتشكل استفزازاً لأكثر من مليار مسلم، وتثير كوامن الحروب الدينية التي شهد العالم نماذجها في القرون السابقة، وأدت إلى مقتل ملايين البشر.

إذا كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يؤكد أن “جميع الناس يولدون أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق”، فهذا يعني أنه لا يجوز الاعتداء على حقوق وكرامة الآخرين. كما لا يجوز التذرع بحرية التعبير جزءاً أساسياً من الديمقراطية في ازدراء أديان ومعتقدات الآخرين الدينية والسياسية، أو الإساءة إلى كتبهم السماوية المقدسة، ذلك أن إحراقها أو تمزيقها يشكل استفزازاً مروعاً لمشاعر المسلمين، ويهدم كل الجهود المبذولة للتعايش والتسامح بين الإسلام والمسيحية والأديان السماوية الأخرى، والتي قامت دولة الإمارات العربية المتحدة برعايتها من خلال لقاء شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية والذي تمت ترجمته بصدور “وثيقة الأخوة الإنسانية” عام 2019، من أحل ترسيخ قيم التسامح والسلام وقبول الآخر.

وإذا كانت ذريعة بعض الدول أنها تلزم بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ودساتيرها تكفل ذلك، والسماح بالتالي بتنظيم التظاهرات المعادية للأديان الأخرى أو السماح بتمزيق كتبها المقدسة أو إحراقها، فإن ذلك الحق يفقد قيمته عندما يتم استثماره بما يسيء لمعتقدات الآخرين الدينية، أو يهدد مصالح الأمن القومي، أو يسيء للعلاقات مع الدول الأخرى، أو يمس بسمعة الآخرين وحقوقهم، أو يحرض ضد الجماعات الدينية والعرقية الأخرى.

إن المادة 17 من إعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على أنه “لا يجوز لأحد أن يستخدم أياً من من الحقوق التي تكفلها الاتفاقية لإلغاء أو تقييد حقوق الآخرين”. وهذا معناه أن للحرية حدود، و”تنتهي حريتك عند حرية الآخرين”.

إن التشدق بالحضارة والديمقراطية التي تتلوها علينا العديد من الدول الغربية يومياً، وتقدمها إلينا دروساً يجب الاقتداء بها هو نوع من التزييف المقصود به إبراز تقدمها وتفوقها، وعلو كعبها، بشكل يتناقض مع حقيقة أن الحضارة لا تكمن في الأشياء الموضوعية والمادية، لكنها مسألة موقف إنساني وروحي وقيمي يجب أن يشكل مساراً ومنهجاً.

عندما يتم استغلال الحرية لإثارة الكراهية والعنف والإرهاب والتعصب، لا بد من اتخاذ موقف واضح وصريح تجاه من يرتكبون مثل هذه الجرائم، والصمت على ذلك هو توطؤ منبوذ يعيق جهود السلام وحوار الأديان والتواصل بين الشرق والغرب.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

إيران وإسرائيل… الحرب والحديث المرجّم

بقلم عبد الله العتيبي – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم- ضعف أميركا – سياسياً لا …