الرئيسية / مقالات رأي / “دافوس” والتحديات العالمية

“دافوس” والتحديات العالمية

بقلم: مفتاح شعيب – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- يعمل المشاركون في منتدى دافوس الاقتصادي بسويسرا على تشريح القضايا العالمية مع سعي خجول لإيجاد حلول تساعد على التخفيف من حدتها. فالأزمات تتراكم من عام إلى آخر، والانقسامات الدولية تتسع والخطابات المتبادلة تزداد شراسة، وهو ما يحبط الآمال في تحقيق المنشود، ويمدد في حالة عدم اليقين التي تصيب المجتمع الدولي منذ أكثر من ثلاث سنوات.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الذي تعود على دق أجراس الخطر، أكد، في رسالة قاتمة إلى المنتدى الاقتصادي، أن العالم في “حالة مؤسفة يرثى لها”، وبات ضحية عدد لا يحصى من التحديات المتداخلة، وهي إشارة صريحة إلى تداعيات الجائحة الصحية السابقة والصراع في أوكرانيا المفتوح على المجهول، وأزمات التغير المناخي والطاقة وارتفاع التضخم. والمؤسف أن هذه القضايا معقدة ولا تزال بعيدة عن الحل بسبب الانقسام الجيوسياسي الحاد وانعدام الثقة بين الأقطاب الدولية. والمؤسف أيضاً أن هذه المشاكل المتفاعلة تزداد اتساعاً من شهر إلى آخر، ولا تبدو في الأفق أي بادرة للتلاقي لوضع حلول مشتركة. وما يعبر عنه غوتيريس ينطق به أغلب المراقبين للوضع العالمي، وأكده كلاوس شواب، رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي ومؤسسه، على أن أحد أكبر التحديات التي تواجه البشرية حالياً هو حالة “التشرذم المجتمعي العميق” التي تمزق الدول والشعوب كافة.

إزاء الوضع العالمي الراهن، لا يبدو أن للخطابات والتحذيرات أية فاعلية، طالما الإرادة الجماعية غائبة أو مغيبة، وما يتم تسجيله من مواقف لا يتعدى التوصيف. أما التشخيص البنّاء فمفقود ويكاد يكون معدوماً، ولذلك لم توضع كل الأزمات الراهنة على مسالك الحلول. وضمن هذا السياق لن يكون منتدى دافوس الحالي إلا منصة لتبادل الاتهامات بين الأطراف الدولية، تماماً مثلما جرى قبل أشهر في الجمعية العامة للأمم المتحدة وبعدها في قمة العشرين بإندونيسيا. ورغم أن منتدى سويسرا تغيب عنه القيادات الدولية الكبرى، مثل الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ، وكذلك الروسي فلاديمير بوتين، قد يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر، وقد يزرع هذا اللقاء الدولي بارقة أمل يمكن أن تزيح غمامة التشاؤم السوداء التي أصبحت تخيم على الكرة الأرضية.

من الناحية الاقتصادية، هناك تفاؤل بأن تساهم إجراءات الصين في إلغاء قيود مكافحة “كورونا” وإعادة انفتاحها على الخارج، في تعزيز النمو العالمي وتزيد في إنعاش الأسواق، رغم أن الاقتصادات المنافسة لبكين، التي تواجه كساداً، تنظر بعين الحذر إلى الانفتاح الصيني، وتحاول الحدّ منه لاعتبارات سياسية بحتة وفي سياق الصراع القائم على الأسواق والمواد الأساسية

وبعيداً عن ذلك، ستظل الأزمة في أوكرانيا المحنة الكأداء، وسيتوقف على إنهائها الاستقرار المنشود. ومرة أخرى عاد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر إلى الإدلاء بدلوه في القضية، وقد أوصى بضرورة تجنب تصعيد الصراع بين روسيا والغرب واعتماد الحوار تفادياً لنزاع نووي رهيب قد يحرق العالم. وربما تجد هذه الدعوة من يصغي إليها بعد تمنع، لأن البديل مدمر جداً، والغاية أمن واستقرار البشرية ومنحها فرصة للعيش في ظروف خالية من الصراعات الكبرى.

شاهد أيضاً

هل تنجح طهران خارج محور المقاومة؟

بقلم: عادل بن حمزة- النهار العربيالشرق اليوم– دخلت منطقة الشرق الأوسط فصلاً جديداً من التصعيد …