الرئيسية / مقالات رأي / كوريا الشمالية النووية

كوريا الشمالية النووية

الشرق اليوم- استراتيجية الولايات المتحدة بشأن كوريا الشمالية، تقوم على نزع سلاحها النووي، وفشلت هذه الاستراتيجية، على مدى ثلاثين عاماً في تحقيق هذا الهدف، من خلال الضغوط الاقتصادية والسياسية والحصار والعقوبات، ولأن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، استطاع تجاوز ذلك من خلال المضي قدماً في برنامجه النووي بنجاح، وإجراء ست تجارب نووية في الفترة بين عامي 2006 و2007، وإعلانه في سبتمبر/أيلول الماضي، أن بلاده أصبحت دولة نووية، و”هو قرار نهائي لا رجعة فيه”، مستبعداً إمكانية الخوض في محادثات لنزع السلاح النووي من بلاده، ما يعني أنها لن تتراجع عن المضي قدماً في تعزيز ترسانتها النووية، فمن البدهي أن يثير ذلك مخاوف وقلق الولايات المتحدة وحلفائها، وهو ما يتبدّى الآن من خلال تصعيد التوتر في شبه الجزيرة الكورية، وتزايد المخاوف من مواجهة بين الكوريتين، قد تجر أطرافاً أخرى من جرّاء عملية الاستقطاب الدولية الراهنة مع الحرب الأوكرانية، والصراع المحتدم بين الصين والولايات المتحدة.

ألا يستدعي ذلك أن تعيد الولايات المتحدة النظر في سياستها، والتخلي عن استراتيجيتها الفاشلة تجاه كوريا الشمالية، وتقبل بالتالي بما لم تكن تتصوره، لأنها لن تستطيع نزع سلاحها النووي، أو تغيير النظام في بيونغ يانغ؟

هناك شبه اتفاق بين عدد من الخبراء النوويين والكتّاب والمحللين بأن كوريا الشمالية، أصبحت دولة نووية؛ وذلك أمر لا رجعة فيه، وعلى الولايات المتحدة تغيير نهجها، لخفض مخاطر مواجهة نووية مقصودة أو غير مقصودة، والقبول بها دولة نووية، كما يعتقد جيفري لويس خبير الأسلحة النووية البارز، ويوافقه هذا الرأي نكيت باندا الزميل في برنامج السياسة النووية في مؤسسة “كارينجي للسلام” الذي يرى ضرورة تفكير واشنطن في “التراجع عن استمرار الإصرار على نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية، باعتباره الوضع النهائي المطلوب للوصول إليه في المدى القريب”.

ويقول جيرويد ريدي الكاتب في “بلومبيرغ”: إن كيم يبدو منطقياً تماماً في المحافظة على نظامه، ويشير إلى أن أوكرانيا تخلت عن سلاحها النووي، ما سهل الهجوم الروسي عليها، كما أن هناك سوابق مريرة بهذا الشأن؛ إذ تخلى الرئيس العراقي السابق صدام حسين عن برنامج بلاده النووي، وكانت الحصيلة مروعة، وكذلك بالنسبة للزعيم الليبي معمر القذافي.

والاعتراف بكوريا الشمالية دولة نووية ليس حالة استثنائية، فهناك دول خارج النادي النووي الرسمي (الولايات المتحدة وروسيا والصين فرنسا وبريطانيا) باتت تمتلك أسلحة نووية بحكم الأمر الواقع، أو نتيجة غض الطرف عن امتلاكها لهذا السلاح، مثل الهند وباكستان وإسرائيل، وقد اختارت الولايات المتحدة التعايش مع هذه الدول، وتقيم معها علاقات دبلوماسية واقتصادية ودفاعية.

يقول الخبير النووي جيفري لويس: “إن غض الطرف عن دخول كوريا الشمالية النادي النووي، أمر مؤلم، لكن حان الوقت لمواجهة الواقع، واتخاذ خطوات، لتقليل مخاطر الحرب في شبه الجزيرة الكورية”.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

سوريا وروسيا.. الفرص الناشئة

بقلم: عبدالحميد توفيق- العينالشرق اليوم– تدرك موسكو أن سوريا تشكل أحد التحديات الاستراتيجية المهمة التي …