الرئيسية / مقالات رأي / “داعش” ومخاطر العودة

“داعش” ومخاطر العودة

بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- حملت هجمات تنظيم “داعش” الإرهابي الأخيرة على القوات الأمنية والمدنيين في العراق، الكثير من المخاطر التي تنذر بعودة أنشطة الإرهاب وإرجاع البلاد إلى المربع الأول، ما لم يتم إعادة النظر في الاستراتيجيات المتبعة لمحاربته، وإدامة العمل على ملاحقة فلوله المتخفية وخلاياه النائمة والمنتشرة في مناطق مختلفة من البلاد.

ففي الوقت الذي كان فيه العراق يحتفل بالذكرى الخامسة للنصر على “داعش” وتحرير المناطق التي سيطر عليها بين عامي 2014 و2017، كان التنظيم الإرهابي يشنّ هجمات دموية راح ضحيتها العشرات من المدنيين ومنتسبي القوات الأمنية في كركوك وديالى، في محاولة لإثبات الذات، وكأنه يريد التذكير بأنه لا يزال موجوداً وقادراً على العودة وقتما يشاء. ولكن لماذا عاد “داعش” ليطلّ برأسه من جديد بعد جهود مضنية في مكافحته ودفع فلوله إلى مناطق نائية يفترض أن تكون تحت مراقبة القوات الأمنية والأجهزة الاستخباراتية، وفي متناول الضربات الجوية من دون إعطائه أي فرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة تنظيم صفوفه من جديد. منذ البداية، يعلم الجميع أن القضاء على قوة “داعش” الضاربة في معاقله الرئيسية واستعادة السيطرة على المناطق التي وقعت في قبضته آنذاك، لم ينهِ التنظيم الإرهابي ومخاطره بصورة كاملة. وبالتالي فإن تراجع هذه المخاطر في فترات معينة لم يكن إلا تراجعاً مؤقتاً يرتبط بإعادة تجميع فلوله وتنظيم صفوفه وحتى مراجعة استراتيجيته التي تحولت من الاحتفاظ بالأرض إلى اعتماد شنّ الهجمات المباغتة وإلحاق الضرر بالمدنيين والعسكريين أينما أتيحت له الفرصة، مستغلاً الكثير من الثغرات لدى القوات الأمنية العراقية. ومن بين هذه الثغرات تراخي القوات الأمنية نفسها، وإبقاء الكثير من المناطق التي تم استعادتها تحت سيطرة فصائل مسلحة لا تملك عقيدة عسكرية في الدفاع عنها، أو إحكام قبضتها عليها، كما هي حال الجيش والقوات الأمنية، فضلاً عن وجود الكثير من المناطق الرخوة، خصوصاً في محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين في شمال وشرق البلاد، وحتى في الأنبار على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلت لتحصين الحدود مع سوريا وإحكام السيطرة عليها. يضاف إلى ذلك ضعف التنسيق الأمني بين القوات الأمنية العراقية ونظيرتها الكردية جراء الخلافات المتراكمة بين إقليم كردستان والحكومة المركزية في بغداد، وربما تكون هذه الثغرة جوهرية خصوصاً في المناطق الرخوة التي أشرنا إليها وتحميل كل طرف مسؤولية حمايتها للطرف الآخر.

الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، ذلك أن الأزمات المتلاحقة وحالة الانسداد السياسي التي كانت سائدة قبل تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، سمحت لتنظيم “داعش”، ليس فقط بالتقاط أنفاسه وإعادة ترتيب صفوفه بعد الضربات التي تلقاها، وإنما منحته الوقت الكافي للمراقبة واستكشاف الثغرات التي يستطيع أن ينفذ منها، وتنفيذ جرائمه الإرهابية. لكن أيضاً يجب القول إن الحكومة العراقية والقوى الأمنية مطالبة بمراجعة جدية لخططها واستراتيجياتها في مكافحة تنظيم “داعش”، من دون إغفال معالجة الحواضن الاجتماعية للتنظيم، بسبب الإهمال والتمييز، ومواصلة الحرب على خلاياه النائمة والنشطة دون انقطاع.

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …