الرئيسية / الرئيسية / ستراتيجيكس: ماذا بعد الجولات الخمس من الحوار السعودي الإيراني؟

ستراتيجيكس: ماذا بعد الجولات الخمس من الحوار السعودي الإيراني؟

بقلم: الكاتب مختار شعيب عبدالله

الشرق اليوم- نشر مركز “ستراتيجيكس” للدراسات والأبحاث الاستراتيجية، تحليل سياسات، يتناول التحليل تزايد المؤشرات الدالة على قرب انعقاد الجولة السادسة من المحادثات السعودية الإيرانية بعد تعليقها لقرابة العام، وذلك في ظل رغبة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، استكمال دور بلاده كجسر لتقريب الوجهات الإقليمية، خصوصاً بعد نجاح مؤتمر بغداد في دورته الثانية الذي انعقد في الأردن.

أدناه النص كما ورد في موقع المركز:

شهدت أروقة مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة بدورته الثانية التي انعقدت في منطقة البحر الميت في المملكة الأردنية الهاشمية، لقاءً جمع بين وزير الخارجية السعودي؛ فيصل بن فرحان ونظيرة الإيراني حسين أمير عبد اللهيان. تبعها تغريدة للأخير ذكر فيها تأكيداً من الوزير السعودي “استعداد بلاده لاستمرار الحوار مع إيران”. ما يشير إلى احتمالية بأن تُعقد جولة سادسة من المحادثات بين البلدين قريباً، بعد خمس جولات أُجريت بينهما في العاصمة العراقية بغداد كانت أولاها في ديسمبر 2019 كأول حوار مُباشر بين طهران والرياض منذ انقطاع العلاقات عام 2016، تم خلالها بحث ملفات مُعقدة وشائكة، تحكم العلاقة بين البلدين منذ فترة طويلة.

وكان من المقرر أن تُجرى الجولة السادسة من المحادثات السعودية الإيرانية في مارس 2022؛ وفق ما أعلنه حينذاك وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، قبل أن تتوقفت عقب الجولة الخامسة بينهما التي عقدت في 21 أبريل 2022 في بغداد، بسبب الأزمة السياسية في العراق البلد المستضيف لهذا الحوار والتي امتدت حتي تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني في أكتوبر 2022. إلا أن المحادثات ضلت مُعلقة على وقع مزاعم إيرانية من تدخل سعودي في الاحتجاجات التي تشهدها البلاد.

ويعتقد الخُبراء أن يدفع مؤتمر بغداد في دورته الثانية والذي استضافته الأردن، باتجاه عودة المحادثات السعودية الإيرانية، بالإضافة إلى أن الحوار كان مجالا للنقاش بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والمسؤلين الإيرانيين أثناء زيارته لطهران في نوفمبر 2022، وكذا أثناء زيارته للرياض لحضور القمة العربية الصينية ولقائه بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في التاسع من ديسمبر.

تطرقت المحادثات التي تمت برعاية عراقية إبان فترة رئيس الوزراء العراقي الأسبق عادل عبد المهدي ثم رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي إلى سبل تخفيف حدة التوتر بين البلدين، وعودة العلاقات الدبلوماسية بينهما والرؤى المطروحة لتسوية قضايا اليمن وسوريا ولبنان، وملف الجماعات المسلحة التي تدعمها إيران في المنطقة، والملف النووي الإيراني، وسبل حفظ أمن منطقة الخليج ووقف سباق التسلح فيها، وقضايا التعاون الثنائي في مجالات الحج والتجارة وغيرها.

وأسفرت الجولتان الأخيرتان عن توقيع مذكرة تفاهم من عشر نقاط تشمل فتح قنصليتي البلدين في جدة ومشهد، والتفاهم لحل الأزمة اليمنية ومسألة الحجاج الإيرانيين، والتعاون في مجالات التجارة ومكافحة الجريمة والإرهاب، وتفاهمات حول الأوضاع في لبنان وسوريا، وتحقيق الأمن والاستقرار في الخليج، ما يمثل انفراجة كبيرة في الأزمة بين البلدين.

وبينما يُعيد مؤتمر بغداد بدورته الثانية المحادثات إلى الواجهة، يطرح المراقبون العديد من التساؤلات حولها؛ وأهمها: ماذا يريد كل طرف من الآخر، وما هي العوامل المؤثرة، وما هي المعوقات، والتوقعات المستقبلية لهذه المحادثات المباشرة؟

قضايا المحادثات: رؤيتان متناقضتان

تناولت المحادثات عدة قضايا إجرائية تتعلق بمستوى التمثيل فيها، والذي تدرج من مستوى الخبراء والموظفين إلى مستوى رجال الأمن والدبلوماسية؛ ثم تطور ذلك في الجولة الخامسة التي شهدت تمثيلاً عالي المستوى من الجانبين. فقد مثل الجانب السعودي رئيس جهاز المخابرات خالد بن علي الحميدان، مقابل مفوضين من الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، وقد عكس ارتفاع مستوى التمثيل السياسي في المحادثات عن تطورات إيجابية في معالجة القضايا محل الحوار، وإن اختلف الطرفان في توصيفه حينذاك، حيث وصفه الجانب الإيراني بالإيجابي وفق تصريحات كل من وزير الخارجية والمتحدث باسم الخارجية الإيراني، بينما وصفه الجانب السعودي على لسان وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بأنه تطور جيد لكنه ليس بالتقدم الكبير.

ومن المتوقع أن تبدأ الجولة السادسة من هذا الحوار على مستوى وكلاء وزارات الخارجية أو نواب وزراء الخارجية خلال العام القادم في العاصمة العراقية بغداد ، وبحضور قيادات في أجهزة الاستخبارات والتي كان قد تم تعليقها بسبب الأزمة السياسية في العراق البلد المستضيف لهذا الحوار والتي امتدت حتى تشكيل الحكومة العراقية الحالية، والتي ستسعى لعودة هذا الحوار الذي كان مجالا لنقاش بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والمسؤلين الإيرانيين أثناء زيارته لطهران، وكذا أثناء زيارته للرياض ولقائه بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وفي الواقع؛ هناك تباينات في رؤى البلدين حول معالجة القضايا محل الحوار بينهما، وهذه التباينات لا تزال تُعطل عودة العلاقات الدبلوماسية. ومن القضايا محل الخلاف ما يلي:

1. رأت إيران ضرورة لتبادل القنصليات وعودة الدبلوماسيين؛ كخطوة أولى لتحسين العلاقات، بالتوازي مع استمرار المحادثات، فيما ترى الرياض أنه لا داعي للعجلة في تبادل التمثيل الدبلوماسي وفتح القنصليتين، وأنّ الأولوية لحل القضايا الرئيسية المسببة لهذا التوتر والصراع، فالأولوية السعودية هي الوصول إلى حلول أو تفاهمات للقضايا التي أدت لقطع العلاقات الدبلوماسية وليس العكس.

فيما ترد طهران بأن القضايا قيد الحوار مُطولة ومُعقدة؛ ولا يمكن تسويتها بسهولة لأنها قضايا معقدة، وأنه يمكن تناول كل منها على حدة بعد تبادل التمثيل الدبلوماسي وفتح سفارات البلدين، إذ عندئذ يمكن بحث تلك القضايا الكبرى على مستويات سياسية أعلى، ما يسهل التوصل لحلول عملية لها.

2. بالرغم من أن المحادثات تركزت على الملف اليمني، لم يستطع الطرفان الاتفاق على آليات أو خريطة طريق لحل الأزمة اليمنية بعد أكثر من 16 شهراً من بدء المحادثات، حيث تطلب الرياض من طهران تعهدات بوقف دعمها العسكري والسياسي لجماعة “أنصار الله” الحوثية في اليمن، والدفع قُدماً للتوصل إلى حل سياسي للأزمة هناك بالاستناد على المُبادرة الخليجية والتي أعلنت عنها الرياض أواخر مارس 2022، وتشمل على وقف شامل لإطلاق النار في عموم البلاد، وبدء المشاورات بين الفصائل اليمنية برعاية الأمم المتحدة، بالإضافة إلى مخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن، في المُقابل ستقدم الرياض على فتح مطار صنعاء أمام بعض الوجهات الإقليمية والدولية، وكذلك تخفيف القيود على الواردات، وخاصة المتعلقة بالغذاء والطاقة.

3. من المحاور الرئيسة للمحادثات، ما يتعلق بسياسة طهران الخارجية، وخاصة في الاختيار بين هدفها المُعلن من المحادثات، بايجاد إطار أمني إقليمي، وبين سلوكها الإقليمي الذي يستند على دعم الجماعات المُسلحة في دول مثل العراق واليمن وغيرها.

من الناحية النظرية، هُناك توافق بين الدولتين عندما يتعلق الأمر بذلك الإطار الأمني وفي ضرورته لضمان الأمن البحري وحرية الملاحة، ذلك أن الدول جميعها تعتمد على تلك البحار لتوريد صادراتها من الطاقة. وسيزداد ذلك التوافق حال توصلت طهران مع القوى الدولية الخمس إلى إحياء الاتفاق النووي الذي سيجدد صادراتها من الطاقة، خاصة أن انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد جوبه بسياسة “المقاومة القصوى”، والتي دفعت إيران وفقاً لاتهامات عدة إلى مهاجمة أو تسهيل ضرب أهداف بحرية، أو بنى تحتية نفطية.

وبعيداً عن الأمن البحري، قد يكون تفضيل طهران لإطار أمني إقليمي محط شك، ذلك أنها تعتمد استراتيجية دفاعية مُتقدمة، تتضمن تقديم الدعم لعدد من الجماعات المُسلحة ذات الروابط “الرأسية” معها. وتقع هذه النقطة في جوهر المحادثات السعودية الإيرانية، حيث ترى الأولى في السلوك الإيراني أنه مزعزع للاستقرار في العديد من دول المنطقة، وله انعكاسات سلبية على أمن الخليج العربي، ومن شأن أي عودة للدبلوماسية بين الدولتين، ينبغي أن تُحدد طهران موقفها من القضايا الرئيسية والحاسمة لمسار المحادثات.

4. يتطلب أي تفاهم بين السعودية وإيران، التوصل إلى صيغة وحل نهائي لبرنامجي الأخيرة النووي والباليستي، فتطوير طهران لسلاح نووي، يعني إطلاق سباق تسلح في المنطقة، وقد سبق لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، التنويه لهذه النقطة بالقول: “ستقوم المملكة بالمثل في أسرع وقت ممكن”، في إشارة إذا ما طورت إيران أسلحة نووية.

ومن حيث المبدأ، لا تُعارض الرياض خطة العمل المُشتركة بين إيران والدول الخمس، لكنها لم تر في القيود والضوابط التي تضمنتها الخطة في العام 2015، ما يكفي لمنع طهران من تطوير سلاح نووي، ونظرت لها باعتبارها ضوء “أصفر” أمريكي لسلوك إيران الإقليمي. ولذلك كانت من المرحبين بخطوة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق عام 2018. ولربما الرياض ليست طرفاً مباشراً في مفاوضات فيينا، لكنها حسمت موقفها من أي مُخرج عنها بالقبول أو بالرفض.

بناء على ما سبق؛ هُناك هوة كبيرة وملفات شائكة وشديدة التعقيدة تنتظر إمكانية إحياء المحادثات السعودية الإيرانية، ومع ذلك تلعب المحادثات دوراً هاماً في تخفيض حدة التوترات وتجنيب الدولتين الصدامات في بينهما، ودلالة ذلك أن هذه المحادثات بدأت عقب أدلة أمريكية بتورط طهران في الهجمات الإرهابية التي استهدفت بنى تحتية نفطية سعودية في سبتمبر 2019.

جاءت الجولة الأولي بوساطة رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان، الذي قال في 30 سبتمبر 2019 على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن وساطة باكستانية تسعى لنزع فتيل التوتر بين إيران والسعودية.

العوامل المؤثرة في مجريات المحادثات

هناك عدة عوامل تؤثر على المحادثات السعودية الإيرانية:

أولاً: الترحيب الدولي والإقليمي بهذه المباحثات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ومن دول الاتحاد الأوروبي وروسيا والدول العربية والأمم المتحدة، وهو ترحيب يشجع الطرفان على الاستمرار في التفاوض لتضييق الهوة بينهما، فموسكو ترى مصلحة في التقارب الإيراني العربي لأنها ترغب بإبعاد الولايات المتحدة عن المنطقة، حيث سبق لموسكو طرح مبادرة لإنهاء الخلاف بين إيران والسعودية، كما أن واشنطن ترى في التقارب بين طهران والرياض فرصة لإنهاء الأزمة اليمنية، وتشجيع طهران على تقديم التنازلات المطلوبة لإنجاح مفاوضات فيينا، فالتطورات الإقليمية والدولية الأخيرة أقنعت إيران والدول العربية بضرورة وضع الخلافات جانباً، واعتماد لغة التفاهم والتنسيق لمصلحة المنطقة برمتها، خاصة وأنّ الإرادة السياسية الحالية لدي الجانبين تفضّل التفاوض على لغة الصراع والتهديد، لأن لكل منهما أجندة عمل داخلية تجاه شعبها مليئة بالطموحات، خاصة بالنسبة للجانب السعودي في ضوء رؤية 2030.

كما أنّ الجانب الإيراني في حاجة لإنجازات داخلية ترضي الرأي العام الذي يشهد سلسلة من الاحتجاجات؛ آخرها جاءت بعد وفاة الشابة مهسا أميني خلال احتجازها لدى مركز أمني يتبع لشرطة الآداب لمخالفتها قواعد ارتداء الزي الشرعي، وهي الاحتجاجات التي توسعت لتضم مطالبات شعبية متنوعة متعلقة بمستوى المعيشة والظروف الاقتصادية. ومن ثمّ فهي بحاجة ماسة لشرعية الإنجاز للحفاظ على استقرار الدولة والنظام، خاصة بعد أن أثبت خطاب “المؤامرة” وتحميل المسؤولية للخارج عدم نجاعته.

وهناك دافع آخر يعزز هذا التوجه، وهو القناعة الإيرانية، التي عبر عنها مسؤولوها أكثر من مرة، بأنّ رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين الدول الخليجية وخاصة السعودية وإيران سيحدّ من النفوذ الإسرائيلي في المنطقة، ويعزز مكانة طهران بين جيرانها العرب، كما أنه سيفتح الباب لتطوير العلاقات الإيرانية مع جميع الدول العربية، لا سيما المغرب والبحرين والسودان وجيبوتي.

ثانياً: سعي الجماعات المسلحة المدعومة من إيران إلى عرقلة أي تقدم في هذه المحادثات، حيث بدأت مع الإعلان عن إيجابية تلك المحادثات في التصعيد الخطابي ضد السعودية ودول الخليج لتحقيق عدة أهداف، منها:

1. غالباً ما تستخدم طهران الجماعات المُسلحة، في إرسال الرسائل أو التصعيد أو الضغط على الطرف المُقابل أو رفع حالة التأزيم، كما حدث ويحدث مع الولايات المتحدة أثناء مفاوضات فيينا، حيث تعرضت قواعد أمريكية لهجمات بالطائرات المسيّرة عدة مرات. وتعتمد طهران هذا الأسلوب من أجل حث الطرف المقابل على تقديم التنازلات أو الاستجابة للمطالب الإيرانية.

وتُدرك الرياض مثل هذه الأساليب، حيث سبق أن تعرضت المملكة لتهديدات من جماعات مسلحة مرتبطة بإيران. وأمام هذا التصعيد ترفع الرياض من مستوى علاقاتها مع العراق رسمياً في مجمل ردها على ما يصدر من تلك الجماعات والفصائل من تهديدات، ويؤكد ذلك ما شهدته الدولتين من تدريبات عسكرية مُشتركة في يونيو 2022.

2. تسعى هذه الجماعات المُسلحة إلى إخراج نفسها من أي تسوية رسمية مع إيران، سواء مع المملكة العربية السعودية أو الولايات المتحدة أو حتى ضمن خطة العمل المُشتركة، خاصة وأن دعم طهران للجماعات المسلحة المرتبطة بها، هو ملف يتواجد على طاولات المفاوضات والمحادثات المُتعددة. ومن شأن نجاحها أن يضر بمصادر الدعم والتمويل لتلك الجماعات.

ثالثاً: إن النجاح في الوصول لاتفاق في مفاوضات فيينا بالنسبة للملف النووي الإيراني سيحدد مستقبل العلاقات الخليجية الإيرانية بشكل عام، والسعودية الإيرانية بشكل خاص، ففي حالة نجاح مفاوضات فيينا للتوصل لاتفاق يحد من قدرة إيران النووية ويمنعها من السير قدماً للحصول على سلاح نووي، ويفرض عليها قيوداً في سياستها الإقليمية، قد يؤدي ذلك إلى تشجيع الطرفين السعودي والإيراني على إنجاز اتفاق ما بينهما، على الأقل بعودة العلاقات الدبلوماسية واستمرار المحادثات لتقريب وجهات النظر لتسوية أزمات وملفات المنطقة.

رابعاً: قدرة الوسيط العراقي على الاستمرار في لعب هذا الدور، والذي يتعزز مع تجاوز حالة الانسداد السياسي المستمرة في العراق منذ عام، بتكليف السوداني كرئيس جديد للحكومة. والذي يتضح سعيه لاستكمال مسار الانفتاح ومُقاربة العلاقات المتوازنة بين العراق ودول الجوار والإقليم، وهذا ما يزيد من فرص استضافة بغداد للجولة السادسة من المحادثات.

خامساً: تُحدد مآلات الاحتجاجات في إيران، إحتمالات عودة المحادثات، خاصة بعد أن أعادت الاحتجاجات طرح مسألة الثقة المُتراجعة بين الدولتين، إثر اتهام طهران لدول الإقليم بالتدخل في إيقاع الشارع الإيراني الغاضب، فقد اتهم القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، السعودية بـ”التدخل” في الشؤون الإيرانية والاحتجاجات الأخيرة إلى جانب دول أخرى طالتها الاتهامات الإيرانية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل.

ويرى خبراء أن الخطاب التصعيدي من الجانب الإيراني على وقع مزاعمها بتدخل سعودي وإقليمي في الاحتجاجات التي تشهدها إيران حاليا، وخاصة مع نشر صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريراً تحدث أن مسؤولين سعوديين وأمريكيين تبادلوا معلومات استخباراتية عن “هجوم إيراني وشيك على أهداف سعودية”، سيكون أحد العوامل الدافعة لاستئناف هذا الحوار، فالوضع الحالي شبيه بالخطاب التصعيدي بين البلدين عقب الهجمات الإرهابية التي استهدفت بنى تحتية نفطية سعودية في 30 سبتمبر 2019، لذا يتوقع الخبراء أنه وبسبب الحاجة لدي الطرفين الإيراني والسعودي لحل أزمات عالقة بينهما أن تبدأ الجولة السادسة قريبا .

ومن المتوقع في هذا الإطار أن تركز الجولة السادسة من المحادثات على القضايا الأمنية وخاصة المرتبطة بمطالب إيران ومزاعمها بشأن وقف الدعم السعودي – خاصة الإعلامي – للاحتجاجات الداخلية في إيران، في مقابل ستطلب السعودية من الجانب الإيراني وقف الدعم العسكري لجماعة أنصار الله الحوثي باليمن، والعمل على دفع الجماعة للعودة إلى الهدنة الدولية التي انتهت بدون تمديد حتى الآن، ومن ثم  فلكل من الرياض وطهران حاجة ملحة ومصلحة مباشرة لاستئناف هذه المحادثات لخفض حدة الضغوط التي تواجهانها بسبب هاتين الأزمتين ” الداخلية في إيران ” و”الأزمة اليمنية” بالنسبة للسعودية.

خاتمة

حتى اللحظة الراهنة، من غير المتُوقع أن تُحدث المحادثات اختراقاً كبيراً في العلاقة بين المملكة العربية السعودية وإيران. نظرًا لتعقيدات المواقف بين البلدين في كثير من الملفات، ونظرًا لسقف إيران العالي الذي تدخل به أي مفاوضات مع أي طرف، خاصة وأن إيران تعتمد على مسارين في المفاوضات، أحدهما في غرف التفاوض، والآخر من خلال ممارسات ميدانية تعقيدية، وكلا المسارين بطبيعة الحال يناقض الآخر، لكن عملية التفاوض بين الدولتين سوف تستمر في جميع الأحوال، على الرغم من أنها لم تؤد إلى نتائج واضحة بعد، لكن سيستمر الحوار حتى لو من أجل الحوار.

 

شاهد أيضاً

من هم المسيحيّون؟ رحلة عبر الطّوائف والانقسامات

بقلم: حسن إسميك- النهار العربيالشرق اليوم– “المسيحي”، بأسط التعريفات، هو أي شخص يؤمن بأن يسوع …