الرئيسية / مقالات رأي / اليابان تتسلح… ماذا ينتظر آسيا؟

اليابان تتسلح… ماذا ينتظر آسيا؟

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي

الشرق اليوم- تتجه منطقة آسيا نحو مزيد من العسكرة. كوريا الشمالية أجرت هذه السنة أكثر من 32 تجربة على أنواع مختلفة من الصواريخ القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى. والصين أجرت مناورات هي الأوسع منذ عقود عقب زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان الصيف الماضي، ولا تزال تحشد قواتها في محيط الجزيرة.

وفي المقابل، استأنفت القوات الكورية الجنوبية والأمريكية مناوراتهما المشتركة بعد توقف لثلاثة أعوام بسبب وباء كورونا. وكان اللافت في هذه المناورات مشاركة مئات الطائرات من الجانبين. كما أن كوريا الجنوبية أطلقت عدداً من الصواريخ القصيرة المدى، رداً على تجارب الشمال. كما أجرت القوات الأمريكية واليابانية مناورات مشتركة.

وأصدرت واشنطن وطوكيو وسيول أكثر من مرة تحذيرات مشتركة لكوريا الشمالية من أنها ستلقى “رداً غير مسبوق”، في حال أقدمت على إجراء تجربة نووية جديدة يتوقعها المسؤولون الأمريكيون في أي وقت.

وسرت تقارير في الصحافة الأمريكية عن اعتزام الصين تحديث ترسانتها من الصواريخ البعيدة المدى القادرة على حمل رؤوس نووية. وهذه السنة أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن بوضوح أن الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان في حال تعرضت لغزو صيني. وبايدن هو أول رئيس أمريكي يخرج عن “استراتيجية الغموض” في ما يتعلق بما سيكون عليه موقف الولايات المتحدة في حال عمدت إلى ضم تايوان بالقوة. ورداً على ذلك، أدرج الحزب الشيوعي الصيني في مؤتمره العشرين في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي مادة في الدستور لا تستبعد اللجوء إلى القوة لضم الجزيرة.

ومارست أمريكا، إضافة إلى النشاط العسكري الذي تضمن مرور سفن حربية في مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي، دبلوماسية ناشطة في اتجاه تعزيز قيام شراكات مع دول آسيوية، لمواجهة الصعود الصيني.

وقبل أيام، أحدثت اليابان انقلاباً في عقيدتها الدفاعية للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية. وأعلن رئيس الوزراء فوميو كيشيدا أن حكومته قررت مضاعفة موازنتها العسكرية لتبلغ 2 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وأوردت في الأسباب الموجبة ضرورة مواجهة “التحدي غير المسبوق” الذي تشكله الصين في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، فضلاً عن الأخطار المحتملة التي تشكلها روسيا وكوريا الشمالية.

عودة اليابان إلى تسليح جيشها يحيي في الدول المجاورة، ذكريات الصراعات القومية المريرة في الحرب العالمية الثانية، ويعيد إلى الأذهان المخاوف من تجدد النزعة العسكرية اليابانية التي ترافقت مع طموحات امبراطورية.

وإذا كانت عسكرة اليابان تحظى بمباركة أمريكية في سياق استراتيجية واشنطن الشاملة لكسب المواجهة مع الصين واحتواء نفوذها في آسيا والعالم، فإن الدول الإقليمية التي عانت من التوسع الياباني في الحرب العالمية الثانية، لا تقابل هذه الخطوة بكثير من الترحاب. وليس مستبعداً أن يقود قرار بناء جيش ياباني “قادر” على شن “ضربة مضادة” وفق ما جاء في العقيدة الدفاعية الجديدة، إلى إطلاق سباق تسلح في الدول المجاورة، التي لا تزال أحداث التاريخ طرية في ذاكرتها.

يأتي ذلك مترافقاً مع اشتباكات هي الأخطر منذ عام 2020 على الحدود بين الصين والهند في جبال الهيمالايا.

هذه المناخات من التصعيد في آسيا، تشي بتحول المنطقة إلى برميل بارود من الممكن أن ينفجر عند أي حادث عرضي، وتؤسس لمرحلة من التكتلات والأحلاف في المنطقة وإن اتخذت شكلاً اقتصادياً، فإنها في حقيقة الأمر، ذات مرامٍ وأهداف ليست بعيدة من الهياكل الأمنية.

ومع اندفاع الدول الآسيوية إلى تعزيز ترسانتها من الأسلحة، ووجود توترات ونزاعات حدودية كثيرة، فإن احتمالات الصدام تصير أكثر وروداً.

وفي عالم زادته الحرب الروسية – الأوكرانية تشظياً واستقطاباً، فإن أي خطأ في آسيا المتوترة قد يكون أكثر كلفة على العالم.

شاهد أيضاً

أيهما أخطر؟

بقلم: محمد الرميحي – النهار العربي الشرق اليوم- جاء الزمن الصعب لنسأل أنفسنا: أيهما الأكثر …