الرئيسية / مقالات رأي / عقيدة يابانية جديدة

عقيدة يابانية جديدة

بقلم: يونس السيد- صحيفة الخليج

الشرق اليوم- يطرح تبني اليابان لعقيدة دفاعية جديدة، أخيراً، مقاربة مغايرة تقربها أكثر فأكثر من الانخراط في الصراعات الإقليمية والدولية بكل ما يحمله ذلك من تحول استراتيجي في التفكير الياباني، يقترب من محاكاة العقيدة الأمريكية وحلف “الناتو”، بعد عقود من انتهاج سياسة التعايش السلمي والالتزام بعدم امتلاك قوات عسكرية هجومية.

في مراجعة السياسة الدفاعية التي أقرتها الحكومة اليابانية، قبل أيام، يبدو أن اليابان قد خلعت جلدها السلمي، واعتمدت سلسلة تغييرات جوهرية، تقوم على مواجهة التهديدات والمخاطر التي تواجهها، ببناء وتطوير قوات دفاعية هائلة من خلال مضاعفة إنفاقها العسكري، وتوحيد قيادتها العسكرية، وزيادة مدى صواريخها.

كما تم إقرار مضاعفة الميزانية العسكرية السنوية التي تبلغ حالياً 1% من الناتج المحلي الإجمالي، لتصبح 2% مع حلول عام 2027، توازياً مع التزام مماثل قطعته دول حلف “الناتو”. وحددت اليابان، في صلب هذه السياسة الجديدة، المخاطر التي تتهددها بأنها ناجمة عن ثلاث دول، في مقدمتها الصين التي تعدها تهديداً وجودياً لاستقرارها، وتحدياً استراتيجياً كبيراً لها، خصوصاً في حال تمكنت بكين من استعادة تايوان؛ حيث يصبح أرخبيل جزرها في أقصى جنوب البلاد بلا قدرات دفاعية. كما أن الصين في هذه الحال، قد تهدد خطوط التجارة الحيوية لليابان، وتزيد الضغط عليها بشأن السيادة على جزر “سينكاكو” المتنازع عليها.

وتأتي في المرتبة الثانية كوريا الشمالية؛ إذ تشير السياسة الجديدة إلى أن إطلاق الصواريخ المتكرر من بيونغ يانغ، يشكل “تهديداً خطراً ووشيكاً لليابان اليوم أكثر من أي وقت مضى”. ثم تأتي روسيا في المرتبة الثالثة، كونها تشكل مصدر قلق بعد استخدامها القوة، لتحقيق أهدافها الأمنية، انطلاقاً من مفهومها بأن “وكرانيا اليوم وقد يكون شرق آسيا غداً”، وكذلك المخاوف من الأنشطة الروسية العسكرية في منطقة آسيا والمحيط الهادي، علاوة على تعاونها الاستراتيجي مع الصين. ولكل هذه الأسباب وغيرها، بطبيعة الحال، قررت اليابان إجراء تعديلات قانونية هي الأكبر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وتخصيص 320 مليار دولار، لتقوية قدراتها العسكرية، وتعزيز أسطولها من الغواصات، والتزود بصوارخ “توما هوك” الأمريكية العابرة للقارات، باعتبارها قادرة على ضرب الدول المعادية، ومنحها القدرة على التعامل مع أخطار الصواريخ الكورية الشمالية التي يتواصل إطلاقها نحو بحر اليابان.

كما تضمنت التعديلات الجديدة حق القوات اليابانية في شن “ضربات مضادة” ضد دول تعدها معادية، ضمن شروط معينة، لكن من دون السماح لها بشن “ضربات استباقية” بموجب الدستور، الذي وضعه المحتل الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية، والذي لا يسمح حتى ببناء جيش ياباني. ومع ذلك فقد رحب البيت الأبيض بتلك السياسة الدفاعية الجديدة التي تتماهى مع سياسات الغرب الدفاعية، وتعد جزءاً من تحّول أوسع تقوده الولايات المتحدة، للسيطرة على منطقة المحيطين الهندي والهادي، ممثلاً في تحالف “كواد” الرباعي الذي تشكل اليابان أحد أضلاعه، إلى جانب أستراليا والهند والولايات المتحدة، وتجسيداً للتشارك في النظرة بمنع قيام نظام عالمي جديد.

شاهد أيضاً

عند الأفق المسدود في غزة

بقلم: عبدالله السناوي – صحيفة الخليج الشرق اليوم- استغلقت حرب غزة على أي أفق سياسي …