الشرق اليوم- كشفت المعركة التي استمرت أكثر من عشرين ساعة لاسترداد فندق قريب من قصر الرئاسة في مقديشو قبل يومين، عن هشاشة الوضع الأمني في الصومال، وقدرة “حركة الشباب” الإرهابية على التحرك وتنفيذ عمليات إرهابية وسط العاصمة، بهدف تقويض السلطة ومؤسساتها، من خلال عمليات نوعية تترك صدى خارجياً وحالة من عدم الاستقرار محلياً، على الرغم من النجاحات التي حققتها القوى الأمنية وتحالف القبائل خلال الأشهر القليلة الماضية في العديد من المناطق التي تم فيها تحرير العديد من المدن والقرى.
تحاول السلطات الصومالية بالإمكانات المتوفرة لديها توسيع رقعة سيطرتها، وكبح جماح “حركة الشباب” وتقليم أظافرها، لكنها عاجزة عن خوض معركة كبرى لإنقاذ الصومال، لأنها لا تملك الوسائل والإمكانيات والقدرات المادية والبشرية اللازمة لتحقيق هذا الهدف، خصوصاً أن الصومال يعاني آفات الإرهاب والجوع والجفاف والفقر، ما يجعل الجماعات الإرهابية قادرة على استغلال هذا الوضع لمصلحتها من خلال تقديم إغراءات مالية وغذائية لكسب ولاء اللاجئين وتجنيدهم في صفوفها، في حين تعرقل وصول المساعدات الحكومية لتحقيق هذا الهدف.
ووفق التقديرات الأممية، فإن 7 ملايين صومالي يواجهون انعدام الأمن الغذائي، بينهم 3 ملايين يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها، ما يعني أن البلاد تواجه أزمة مجاعة حقيقية.
في مثل هذا الوضع، تجري المواجهة بين الحكومة الصومالية القليلة الحيلة والإمكانات، وبين “حركة الشباب” التي تملك قدرات بشرية ومادية وعسكرية معقولة، وتنفذ عمليات إرهابية تستهدف المدنيين في المقام الأول من خلال تفجير الشوارع والمراكز التجارية والفنادق، ثم منشآت المواقع العسكرية والمراكز الحكومية.
لا شك أن الانتصار على الإرهاب عملية صعبة وشائكة إن كان في الصومال أو في غيرها من الدول التي تعانيه، ذلك أن ما اتخذ من إجراءات حتى الآن لم يبلغ الحد الذي يبشّر بقرب هزيمته، والوسائل المستخدمة في ذلك عاجزة عن بلوغ هذا الهدف، ما لم يتم تجفيف منابعه المالية، وقطع دابر تمويله لوجستياً، أو بتر الصلة بينه وبين أجهزة مخابرات ودول لا تزال تجد في الإرهاب قدرة على الاستثمار في تحقيق أهدافها وسياساتها.
لقد دأب مجلس الأمن الدولي على إصدار البيانات التي تدين العمليات الإرهابية في الصومال، والترحيب بجهود الحكومة في مواجهة التهديدات الإرهابية، ودعوة جميع الدول إلى مكافحة كل الأعمال الإرهابية «بجميع الوسائل»، لكن كيف للحكومة الصومالية أن تنتصر في معركتها ضد الإرهاب وهي لا تملك الوسائل، مثل الجيش القوي الذي ينقصه التدريب، والأسلحة الحديثة من مدفعية وطيران وغيرها من وسائل الحرب الحديثة؟
إن الدول التي تتحدث عن السيادة والأمن والسلام ومحاربة الإرهاب، وتقدم مليارات الدولارات لأوكرانيا ومعها أحدث الأسلحة في مواجهة روسيا، لماذا لا تقوم بمهمة مماثلة في الصومال، أو أقل من ذلك بكثير.. أم أن الإرهاب في الصومال شيء آخر؟