الرئيسية / مقالات رأي / The Diplomat: علاقات الهند بروسيا لن تعوق شراكتها مع الولايات المتحدة

The Diplomat: علاقات الهند بروسيا لن تعوق شراكتها مع الولايات المتحدة

بقلم: أبارنا باندي

الشرق اليوم- زار وزير الخارجية الهندي، سوبرامانيام جايشانكار، موسكو قبل أسبوع على انضمامه إلى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي للمشاركة في قمة مجموعة العشرين في بالي، وتأمل الهند استعمال الدبلوماسية الهادئة، انطلاقاً من علاقتها العميقة مع الاتحاد السوفياتي في حقبة الحرب الباردة، لإقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالموافقة على صفقة الحبوب التي أدت فيها الأمم المتحدة دور الوساطة، بانتظار انتهاء الأعمال العدائية في أوكرانيا.

تستفيد الهند اقتصادياً من روابطها مع موسكو، وتُعتبر مشترياتها العسكرية من روسيا إرثاً يشتق من التحالف الذي نشأ بين الولايات المتحدة وعدوّتها باكستان خلال الحرب الباردة، فقد استاء جزء كبير من الأمريكيين حين رفضت الهند وقف شراء النفط والمعدات العسكرية من روسيا وامتنعت عن التصويت على القرارات التي تدين موسكو في الأمم المتحدة، ومع ذلك تبقى الهند في صلب المقاربة الأميركية المرتبطة بالتنافس مع الصين.

قد لا تحبذ الولايات المتحدة روابط الهند مع روسيا، لكنها تبدو مستعدة لتقبّلها كثمن ضروري مقابل إبقاء الهند في محورها للتعامل مع صعود الصين، فقد نشرت إدارة بايدن حديثاً استراتيجية الأمن القومي التي تشدد على أهمية الهند في الاستراتيجية الأمريكية الخاصة بمنطقة المحيطَين الهندي والهادئ. تجاوزت الهند والولايات المتحدة المسافات والشكوك التي اشتقت من رفض نيودلهي الاصطفاف مع واشنطن بعد استقلالها مباشرةً عام 1947، وفي آخر ثلاثة عقود، بَنَت أقدم وأكبر ديموقراطيتَين في العالم شراكة عميقة ومتعددة الأبعاد وهي قابلة للاستمرار على الأرجح.

كذلك، يفضّل الرأي العام في البلدين الحفاظ على هذه العلاقات الوثيقة، فوفق استطلاع رأي أجرته مؤسسة “غالوب” عام 2022، يحمل 77% من الأميركيين نظرة إيجابية عن الهند، وفي السنة الماضية، كان 79% من الهنود يحملون نظرة إيجابية عن الولايات المتحدة، وتَقِلّ البلدان التي تُعبّر عن هذا المستوى من الدعم للولايات المتحدة حول العالم.

الهند شريكة أساسية للولايات المتحدة في مجال الدفاع، وأصبح البلدان اليوم متقاربَين في القطاع العسكري أكثر من أي وقت مضى، وتتعدد مظاهر التعاون الدفاعي بين الطرفَين، منها تقاسم المعلومات، والتدريبات العسكرية الثنائية ومتعددة الأطراف، وتنسيق العمليات، والتعاون لدعم الهندسة الأمنية الإقليمية.

 تريد الولايات المتحدة من الهند أن تشتري المزيد من المعدات الدفاعية الأميركية، فلم تكن الهند تشتري أي أسلحة أمريكية عام 2008، لكنها عادت واشترت معدات عسكرية تفوق قيمتها العشرين مليار دولار في العقد الماضي. بدأت الولايات المتحدة تتفهّم تفضيل الهند إنتاج المعدات محلياً مع مرور الوقت، وانطلقت مبادرة التجارة والتكنولوجيا الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة منذ عشر سنوات، ويتعاون البلدان بموجبها لتنفيذ مشروع بقيمة 22 مليون دولار لتطوير طائرات مسيّرة تنطلق من الجو، ولا تزال النقاشات مستمرة لإضافة معدات أخرى إلى القائمة، بما في ذلك أنظمة جوية مضادة للطائرات المسيّرة.

في غضون ذلك، زاد مستوى التعاون التجاري والتكنولوجي بين الهند والولايات المتحدة بدرجة ملحوظة، وتُعتبر الولايات المتحدة أكبر شريكة تجارية للهند، وتصل قيمة تجارة السلع والخدمات بين الطرفَين إلى 160 مليار دولار تقريباً، وفي الوقت نفسه، زاد التعاون الهندي الأمريكي في مجالات الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية، والتكنولوجيا الكمّية، وأشباه الموصلات.

 في عام 2021، أنتجت شركات التكنولوجيا الهندية عائدات بقيمة 103 مليارات دولار، وساهمت بمبلغ 40 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، ووظفت 207 آلاف شخص مباشرةً، لكن لا تزال هذه التبادلات التجارية أقل مستوى من الوعود التي كانت تتوقع وصول قيمة التجارة الثنائية إلى 500 مليار دولار بحلول عام 2020. أخيراً، بدأت الولايات المتحدة تتقبّل، ولو على مضض، تفضيل الهند لتعدد الأقطاب وتمسّكها بعلاقتها الوثيقة مع روسيا، حتى أنها قد تضطر للاعتراف بأن علاقاتها التجارية مع الهند ستبقى شائكة وتتطلب مفاوضات دائمة، لكن يُفترض ألا يعوق أيٌّ من هذه العوامل العلاقة المميزة التي تجمع الولايات المتحدة والهند وتشتق من المخاوف المشتركة من الصين.

شاهد أيضاً

روسيا التي لا تساند أحداً… علاقة غير عادلة مع إيران

بقلم: يوسف بدر – النهار العربي الشرق اليوم– في مقالته في صحيفة “وول ستريت جورنال” …