الرئيسية / مقالات رأي / خطاب الديمقراطيين الذي أغضب البيت الأبيض

خطاب الديمقراطيين الذي أغضب البيت الأبيض

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج

الشرق اليوم– لأول مرة تخرج إلى العلن أصوات من الحزب الديمقراطي لأعضاء بالكونغرس، يطالبون الرئيس بايدن بتغيير سياسته تجاه مشكلة أوكرانيا، والموقف من روسيا، وعلى الفور سارعت قوى أخرى في الحزب إلى حشد جهودها الضاغطة على الذين وجهوا الخطاب إلى البيت البيض، والتي أسفرت عن تجميد المطلب الوارد في هذا الخطاب.

الخطاب كان بتاريخ شهر يوليو/ تموز الماضي، ثم أعيد الحديث عنه في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، بعد التراجع المفاجئ عنه.

يحمل الخطاب توقيع عدد من الديمقراطيين البارزين في مجلس النواب والذين يضمهم تجمع يسمى “مجموعة الليبراليين الديمقراطيين”، منهم على سبيل المثال جيمس راسكين، ودايانا بريسلي، وكاسيو كيرتز، ورشيدة طليب، وترأس المجموعة النائبة براميلا غايابال.

وطبقاً لما اتفقت عليه مصادر عدة، منها صحف “الواشنطن بوست”، و”الغارديان”، والدراسة التي حملت عنوان “ديمقراطيون ليبراليون وخطابهم إلى بايدن”، والتي نشرها كاتبها د. بيلكينتغتون في 25 أكتوبر/ تشرين الأول، فإن 31 عضواً ديمقراطياً في مجلس النواب بعثوا بخطاب إلى الرئيس بايدن يحثونه على الدخول في مفاوضات مباشرة مع روسيا لإنهاء حرب أوكرانيا، وإنهم اتخذوا هذا الموقف عقب مناقشات صاخبة في الحزب الديمقراطي حول مستقبل الاستراتيجية الأمريكية تجاه الحرب.

وتضمن الخطاب دعوة بايدن لبذل جهود دبلوماسية نشطة من أجل الوصول إلى تسوية تفاوضية، ووقف لإطلاق النار.

وأظهر الخطاب أن الديمقراطيين قلقون من أن أمريكا ليست مشاركة في حوار مع روسيا، كجزء من جهودها لإنهاء الحرب التي أصابت تداعياتها الملايين من الشعوب.

وتم تفسير هذا التحرك بأنه يعكس أول مظهر من مظاهر الخلاف داخل الحزب الديمقراطي حول أزمة أوكرانيا، وحيث لا يزال الموقف الأمريكي قائماً على التأييد غير المشروط لسياسة بايدن من هذه الأزمة.

وفي الحال جرت جهود مكثفة من داخل الحزب على الذين وقعوا الخطاب، أدت إلى تجميد دعوتهم، وإلى تراجع معظمهم عن الموقف الذي سبق أن أعلنوه.

وأمام الغضب العارم من قطاعات في الحزب، ورد الفعل البارد للغاية من البيت الأبيض، فقد أعلنت غايابال سحبها للخطاب، وأعلنت أنها لم تكن تنوى أن ينشر الخطاب، أو يخرج العلن، وأنها تتحمل مسؤولية نشره.

وقال بعضهم إننا كديمقراطيين ملتزمون بتأييد أوكرانيا في قتالها من أجل الديمقراطية، والحرية، في مواجهة الغزو الروسي غير المشروع. لكن البعض الآخر منهم اتخذ موقفاً أكثر اعتدالاً بالقول إن الخطاب يعكس رغبة في إنهاء الحرب بالطريق الدبلوماسي، واستندوا في ذلك إلى ما سبق أن أعلنه الرئيس بايدن في خطاب ألقاه في ديلاوير في يونيو/ حزيران الماضي قال فيه: يبدو لي، أنه سيأتي وقت ما تتم فيه تسوية عن طريق المفاوضات، وإن لم يكن لدي الآن علم بما سوف تأتى به الأيام.

لقد كشفت الضجة العارمة حول هذا الخطاب عن سببين كانا وراء تراجع الذين أرسلوه للبيت الأبيض عن موقفهم. السبب الأول أنه يثير شكوكاً حول تأييد الحزب الديمقراطي للموقف الأمريكي الرسمي من حرب أوكرانيا. وفسرت النائبة غايابال سحبها للخطاب، بسبب ما يمكن أن يخلقه من انطباع بأن هناك ديمقراطيين يبدو كأنهم متحالفون مع الجمهوريين الرافضين لسياسة بايدن تجاه حرب أوكرانيا.

والسبب الثاني هو الخوف من تأثير هذا الخطاب في نتائج الانتخابات التي كان اقترب موعدها للتجديد النصفي للكونغرس.

ثم أعقب ذلك ما أعلنته المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، من أن شيئاً لن يحدث بشأن أوكرانيا، من دون أوكرانيا ذاتها.

ولما كانت الضجة بسبب هذا الخطاب استمرت، ولو بنسبة محدودة، في إثارة أحاديث جانبية حول مضمونه الأساسي، منها أن تلك الضجة لم تكن لتحدث لولا نشر الخطاب وذيوعه، وهو ما لم يكن يريده الذين وقعوه. ومنهم النائب مارك بوكان الرئيس السابق للمجموعة الليبرالية الذي قال ليست لدي أي فكرة لماذا نشر هذا الخطاب.

وقالت النائبة سارة جاكوبز إنني وقعت هذا الخطاب في يونيو/ حزيران الماضي، ولكني لن أوقعه اليوم، ونحن في أواخر شهر أكتوبر/ تشرين الأول.

وتظل هناك جملة صارخة في الخطاب، رغم التراجع عنه تشغل الأذهان، وهي القائلة إنه لابد من بذل محاولات مباشرة لإشراك روسيا في حوار دبلوماسي، في وقت تتصاعد فيه حدة هذه الحرب.

شاهد أيضاً

إيران وإسرائيل… الحرب والحديث المرجّم

بقلم عبد الله العتيبي – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم- ضعف أميركا – سياسياً لا …