الرئيسية / مقالات رأي / هزّة جديدة للعملات المشفّرة

هزّة جديدة للعملات المشفّرة

بقلم: أحمد الخطيب – النهار العربي

الشرق اليوم– في بداية العام الحالي، قامت بورصة FTX بجمع تمويل بقيمة 420 مليون دولار من عدد من المستثمرين الكبار بعد تقييم الشركة بمبلغ 32 مليار دولار. وكانت الشركة التي تعتبر من أكبر بورصات العملات المشفرة في العالم، تستخدم تلك الأموال للتوسع إلى مناطق جديدة والاستثمار في شركات أخرى متعثرة أو تواجه صعوبات. لكن تطور الحوادث يبدو أنه وصل بالشركة نفسها لتواجه مشكلات في السيولة، ما جعل رئيسها التنفيذي يلجأ إلى خصمه اللدود رئيس شركة Binance المنافسة، فتم الإعلان عن اتفاقية لبيع FTX بالكامل إلى Binance . والاتفاقية غير ملزمة حتى الآن حيث سيتم القيام بإجراءات الفحص والتدقيق، لكن الإعلان السريع بهذا الشكل يعني من دون شك أن المشكلات كبيرة وبدأت تخرج عن السيطرة.

بدأت المشكلة بشائعات حول امتلاك FTX  احتياطيات نقدية لازمة لدعم عملتها الخاصة، ثم ظهرت إلى العلن عندما أعلن الرئيس التنفيذي لشركة Binance أنها ستبيع ما تمتلكه من عملة FTX لعدم وجود شفافية حول الاحتياطيات، ما أدى إلى انهيار قيمة العملة بأكثر من 80% خلال وقت قصير، لتتراجع قيمتها السوقية من 2.9 مليار دولار إلى 569 مليوناً.

لا يمكن النظر إلى مشكلة FTX  كحالة خاصة أو منفصلة عمّا يتعرض له قطاع العملات المشفرة منذ العام الماضي. فالشركة كانت في السنوات الماضية تصرف مبالغ كبيرة على التسويق، لعل أبرزها شراء حقوق تسمية ملعب نادي ميامي هيت الشهير بمبلغ 135 مليون دولار، وأصبح رئيسها من أشهر رجال الأعمال الأثرياء، بل أصبح يقدم تبرعات سياسية، وكان ينوي أن يدخل كمساهم في صفقة شراء إيلون ماسك “تويتر” قبل أن يعدل عن ذلك. ولم تكن هذه التصرفات وطريقة العمل مختلفة عن ما تقوم به المنصات الأخرى ورؤساؤها التنفيذيون، وكل ذلك بفضل تقييمات بمئات المليارات لسلع (أو عملات) تتذبذب أسعارها تذبذباً كبيراً جداً باستمرار.

لا أتوقع أن تكون النهاية سعيدة للشركة ولا لقطاع العملات المشفرة عامةً. فلا أرى ما يدفع رئيس binance للموافقة على عملية الاستحواذ في وقت قياسي سوى أنه يرغب في عدم تعريض القطاع للخطر. وحتى لو تمت عملية الاستحواذ، فإن ثقة المستثمرين تهتز كل مرة أكثر من المرة السابقة، وتتزايد الشكوك حول استدامة هذا القطاع بالشكل الذي يدار به. ومع عدم وجود رقابة وفي ظل انعدام الشفافية، لا يمكن توقع نتائج جيدة، والدليل إلى ذلك هو قيام رئيس FTX  قبل أيام بالتغريد أن الشائعات حول السيولة كاذبة، ليقوم بعدها بإزالة التغريدة والإعلان في ما بعد عن صفقة بيع الشركة.

إن نتائج ما يجري حالياً قد تساهم في إعادة هيكلة قطاع العملات المشفرة هيكلةً منطقية وقابلة للاستمرار بعيداً من التقييمات الخيالية غير المستندة إلى واقع مفهوم.

شاهد أيضاً

أيهما أخطر؟

بقلم: محمد الرميحي – النهار العربي الشرق اليوم- جاء الزمن الصعب لنسأل أنفسنا: أيهما الأكثر …