الشرق اليوم- في المكالمة الهاتفية الأخيرة بين وزيري خارجية الصين وانغ يي ونظيره الأمريكي أنتوني بلينكن اتضح أن هناك فجوة عميقة في العلاقات عبّرت عنها البيانات الصادرة عن وزارتي خارجية البلدين، وأن هناك نوعاً من التناقض في مواقف الإدارة الأمريكية تجاه الأزمة مع الصين.
الوزير الأمريكي دعا إلى ضرورة بقاء خطوط الاتصال مفتوحة بين البلدين و”إدارة العلاقات الأمريكية الصينية بشكل مسؤول”، لكن في الوقت نفسه أعلنت واشنطن عزمها إرسال قاذفات قنابل من طراز “بي 52” قادرة على حمل أسلحة نووية إلى قاعدة في شمال أستراليا، وذلك في “رسالة قوية” إلى الخصوم، وفقاً لسلاح الجو الأمريكي. وفي هذا الصدد تقول بيكا واسر الباحثة في “مركز الأمن الأمريكي الجديد” ومقره واشنطن أن نشر طائرات “بي 52” التي يبلغ مداها نحو 14 ألف كيلو متر هو “تحذير للصين مع تزايد المخاوف من شن هجوم على تايوان”.
لا شك أن الصين تدرك أبعاد هذه الخطوة الأمريكية التصعيدية، كما تدرك أنها المقصودة من نشر هذه الطائرات، ولذلك دعا الوزير الصيني نظيره الأمريكي خلال محادثاتهما الهاتفية إلى التوقف عن “محاولة احتواء وتحجيم الصين، وتجنب خلق عقبات أمام العلاقات بين البلدين”. وأشار إلى أن العقوبات الأمريكية على بلاده ألحقت أضراراً بالغة بحقوقها المشروعة.
كما أن الاستمرار في استفزاز الصين يتناقض مع قول الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي بأن الولايات المتحدة: لا تسعى إلى صراع مع الصين، كما أن الاستفزاز يتجاهل دعوة الرئيس الصيني شي جين بينغ “استعداد بلاده للعمل مع الولايات المتحدة لإيجاد سبل للتوافق لصالح البلدين”.
إن الخطوات الأمريكية سواء أكانت نشر قاذفات “بي 52” في استراليا، أو استعراض عضلات قاذفات “بي -2″ و”إف- إيه 18″ القادرة على حمل أسلحة نووية فوق المحيط الهادئ، وتقصّد عبور مدمرات أمريكية مضيق تايوان، وأيضاً نشر أربع طائرات من طراز”بي 52” في قاعدة أندرسن الجوية في جزيرة غوام، تتناقض تماماً مع القول إن واشنطن لا تريد الصدام مع بكين، خصوصاً مع إصرار واشنطن على قيام المسؤولين الأمريكيين بزيارات متواصلة إلى تايوان في تعبير واضح عن رفض أمريكي لاستعادة تايوان إلى حضن الوطن الأم، تأكيداً لمبدأ “الصين الواحدة” الذي كان أساساً في قيام علاقات دبلوماسية بين الولايات المتحدة والصين في مطلع سبعينات القرن الماضي. وقد عزز ذلك تخلي واشنطن عن سياسة “الغموض الاستراتيجي” تجاه الأزمة التايوانية، بإعلان الرئيس الأمريكي استعداد بلاده للدفاع عن تايوان إذا ما تعرضت لهجوم صيني.
إن مجمل هذه الاستفزازات لا توفر أرضية إيجابية مناسبة، أو بيئة أمنية يمكن أن تجسّر العلاقة بين البلدين، وتخلق جواً ملائماً لقمة مفترضة بين الرئيسين الأمريكي والصيني خلال قمة العشرين في جزيرة بالي الإندونيسية الشهر الحالي.
المصدر: صحيفة الخليج