الرئيسية / مقالات رأي / الاقتصاد العالمي بين التضخم والركود

الاقتصاد العالمي بين التضخم والركود

بقلم: د.وحيد عبدالمجيد – صحيفة الاتحاد

الشرق اليوم- هل يتجه الاقتصاد العالمي إلى حالة ركود بفعل سياسات رفع الفائدة التي تهدف إلى كبح التضخم؟ وهل يكون الركود تضخمياً بحيث ينخفض النمو مع استمرار الارتفاع في الأسعار؟ وهل يكون هذا الركود، أو الركود التضخمي، شاملاً أم يقتصر على الاقتصادات الثلاثة الأكبر في العالم (الأمريكي، والصيني، واقتصاد منطقة اليورو) وقليل غيرها؟ إنها أسئلة الساعة في كثير من الأوساط العالمية. ويرتبط السؤال هنا بازدياد المخاوف من أثر رفع أسعار الفائدة على مناخ الأعمال، بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض، ومن ثم تراجع الاستثمار، وبالتالي انخفاض معدلات النمو، وصولاً إلى ركود الاقتصاد.

ويصبح هذا الخطر أكبر في حالة الوصول إلى الركود مع استمرار التضخم أو انخفاضه بمعدلات محدودة تقل عن المُستهدف. وقد بدأ هذا الخطر يلوح بالفعل في عدد متزايد من الدول أكثرها في أوروبا، إلى جانب الولايات المتحدة، في الوقت الذي يتواصل فيه التباطؤ الاقتصادي في الصين سواء بسبب سياسة “صفر كوفيد”، أو نتيجة انخفاض الطلب في العالَم بسبب ارتفاع الأسعار، ومن ثم انخفاض القدرة الشرائية في الأسواق الرئيسية للسلع والخدمات الصينية.

ويزداد احتمال توسُّع نطاق هذا الخطر بقدر ما يستمر الاتجاه إلى تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة، بسبب ارتباط اقتصادات عدد كبير من دول العالم بالدولار. وقد بلغ هذا الاتجاهُ ذروةً غير مسبوقة منذ منتصف السبعينيات، بعد أن رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة خمس مرات حتى الآن منذ مايو الماضي. ويكتسب السؤال حول حدود خطر الركود، واقترانه باستمرار التضخم، إلحاحاً أكبر في ضوء عدم اليقين الذي يُلقي بظلاله على التوقعات الاقتصادية، بما فيها تلك التي تصدر عن المؤسسات المالية الكبرى التي تملك أكبر قدر من المعلومات عن الاقتصاد العالمي، مثل صندوق النقد والبنك الدوليين.

وبعيداً عن القدر المتَّفق عليه، وهو أن الوضع ضبابي وقاتم، نلاحظ تفاوتاً في التوقعات، خاصةً فيما يتعلق باحتمالات الهبوط السلس، أي خفض الأسعار من دون إلحاق ضرر كبير بالاقتصاد، والوقت المتوقع لحدوث الركود في حالة الفشل في تحقيق هذا الهبوط. ويظهر هذا التفاوت، على سبيل المثال، في تقارير مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي التي يصدرها صندوق النقد الدولي، وتقرير التنمية في العالم الذي صدرت نسخته الأخيرة تحت عنوان “التمويل من أجل تحقيق تعافٍ مُنصف”. وهذا التفاوت طبيعي حين يغيب اليقين، خاصةً في ظل عدم وجود اتفاق كامل على المقصود بركود الاقتصاد. فثمة اتجاه شائع ملخصه أن الركودَ يَحدث عندما ينخفض الناتج المحلي الإجمالي لرُبعين متتاليين، أي ستة أشهر.

لكن هناك اتجاهين آخرين، أحدهما يركز على مؤشرات محددة مثل حالة الطلب الإجمالي، وأداء الشركات، والتغير في قيمة الأصول، ومعدلات البطالة.. والثاني يربط الركود بتباطؤ الاقتصاد في مختلف القطاعات، وأكثرها أهميةً ومساهمةً في الناتج المحلي الإجمالي. ولهذا يتطلب تقييم أحوال الاقتصاد العالمي، في الفترات التي تتسم بعدم اليقين والضبابية، حذراً وتدقيقاً شديدين.

شاهد أيضاً

سوريا وروسيا.. الفرص الناشئة

بقلم: عبدالحميد توفيق- العينالشرق اليوم– تدرك موسكو أن سوريا تشكل أحد التحديات الاستراتيجية المهمة التي …