الرئيسية / مقالات رأي / أهمية الانتخابات النصفية للكونغرس

أهمية الانتخابات النصفية للكونغرس

بقلم: ناجي شراب – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- ترقى الانتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي في أهميتها إلى مستوى الانتخابات الرئاسية، ولذلك تحظى بالاهتمام والتنافس الشديدين بين الحزبين، الجمهوري والديمقراطي. ويحرص الرئيس عادة على فوز حزبه في هذه الانتخابات لما لذلك من دعم للقرارات الرئاسية والتناغم بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. وتكتسب هذه الانتخابات أهميتها من النواحي المؤسساتية والدستورية والصلاحيات والسلطات المتنوعة والمتعددة التي يمارسها الكونغرس. فالأساس في النظام الأمريكي أنه رئاسي يقوم على مبدأ الفصل المطلق بين السلطات، فكل سلطة تقوم بسلطاتها كاملة دستورياً، لكن حرصاً من مؤسسي الدولة على عدم توغل أي سلطة، تشارك كل سلطة السلطة الأخرى، أو تكبح جماح توغلها في ظل قيود ومحددات متوافق عليها.

فعلى سبيل المثال، من حق السلطة التنفيذية التفاوض وإدارة الشؤون الخارجية وتوقيع المعاهدات مع الدول الأخرى، لكن حتى تصبح نافذة لا بد من تصديق مجلس الشيوخ بالأغلبية البسيطة، وعند الرفض تلجأ السلطة التنفيذية للأوامر التنفيذية التي من حق الرئيس التالي أن يلغيها.

هذا النظام يوضح لنا أهمية هذه الانتخابات النصفية، التي تتم لنصف أعضاء الكونغرس البالغ عددهم 634 عضواً بمجلسيه، مئة للشيوخ، والباقي للنواب.

ووفقاً لهذه الانتخابات يتم تجديد كل أعضاء مجلس النواب وعددهم 435 نائباً، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ، أي 35 من أصل 100 عضو.

تأتي هذه الانتخابات في سياقات وتطورات وتحولات سياسية واقتصادية كبيرة: الحرب الأوكرانية، والتضخم الاقتصادي، وتنامي التيارات الشعبوية والمتطرفة، وتعرّض القيم الديمقراطية للتراجع، وانتشار ظاهرة العنف والاعتداءات التي راح ضحيتها عدد كبير من الأمريكيين، وقضايا الهجرة والإجهاض والتعليم، وغيرها من المسائل التي تمس حياة المواطن الأمريكي. فانتخابات الكونغرس تحكمها القضايا الداخلية أكثر من الخارجية، وتتم على مستوى كل ولاية، ومن هذا المنظور يتحكم فيها الواقع الذي تعيشه كل ولاية. ومن العوامل التي ستؤثر في مسار الانتخابات ونتائجها هو غضب الأمريكيين العاديين من النخب السياسية والاقتصادية والإعلامية.

وهناك توقعات بأن تكون نتائج الانتخابات سيئة لإدارة الرئيس بايدن، وأكثر سوءاً إذا سيطر حزبه على أحد المجلسين. فمعظم الانتخابات في عهد ترامب 2018 ومن قبله أوباما 2010، وبوش 2006 وكلينتون 1992، شهدت خسارة الحزب الحاكم على الأقل في مجلس النواب، وأحياناً الشيوخ. وهذا أحد السيناريوهات المتوقعة وهي خسارة الحزب الديمقراطي أحد المجلسين. فيما يسعى الجمهوريون للسيطرة على المجلسين، والديمقراطيون يسعون بكل ما لديهم من أوراق تأثير وضغط للحفاظ على سيطرتهم ضماناً للتوافق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وسهولة تمرير القرارات والسياسات والمعاهدات التي تسعى لها إدارة الرئيس بايدن.

والمعيار الأساسي في تحديد نتائج هذه الانتخابات هو حكم إدارة الرئيس بايدن خلال سنتين من حكمه، وما قدمته من إنجازات على مستوى المواطن الأمريكي، ومعالجة مشاكل الركود والتضخم والمشاكل الاجتماعية وما يتعرض له المجتمع الأمريكي من تفشي ظاهرة الانقسامات، والتحذير من حرب أهلية.

لا شك في أن الاقتصاد سيلعب عاملاً حاسماً، ولنتذكر شعار حملة الرئيس بيل كلينتون “إنه الاقتصاد ياغبي”.. ولا يمكن التقليل أيضاً من تأثير الإنجازات والفشل في قضايا السياسة الخارجية، كالانسحاب من أفغانستان. والمعيار الآخر الذي سيحكم على نتيجة الانتخابات هو ما بات يعرف بالظاهرة الترامبية والشعبوية البيضاء التي يؤمن بها نحو 75 مليوناً، وهو عدد كفيل بترجيح نتيجة الانتخابات، ويعتقد هؤلاء بأن الانتخابات الرئاسية السابقة كانت مزورة، لدرجة أن المفكر الأمريكي روبرت كاغان، يتوقع صراعاً أهلياً مع انتخابات 2024 الرئاسية إذا ما رشح ترامب نفسه للرئاسة ثانية. والصحفي الأمريكي البارز توماس فريدمان يسأل الله ألا يرشح ترامب نفسه للمرة ثانية.

وحسب استطلاعات الرأي هناك تراجع في أداء شعبية الرئيس بايدن، إلى جانب صراع الأجنحة داخل الحزب الديمقراطي ما بين التيارين التقدمي والتقليدي.

والسؤال: هل يتكرر سيناريو الرئيس كارتر؟ ففي عهده خسر الديمقراطيون الكونغرس والرئاسة معاً في أعقاب فشله في مواجهة الثورة الإيرانية وإنقاذ الرهائن الأمريكيين. وهنا هل ما حدث في أفغانستان والحرب الأوكرانية وفشل التفاوض النووي مع إيران والصراع مع الصين وروسيا يكرر السيناريو نفسه؟

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …