الرئيسية / مقالات رأي / مسار الصين المنتظر

مسار الصين المنتظر

بقلم: مفتاح شعيب – صحيفة الخليج

الشرق اليوم– لم يمنع ضجيج الحرب في أوكرانيا والتوترات العالمية المتزايدة سماع المواقف الصينية في مؤتمر الحزب الشيوعي وما سيصاحبها من قراءات واستنتاجات وتوقعات بعد أن تتم تزكية الرئيس شي جين بينغ لولاية ثالثة من خمس سنوات ليواصل معركة ثاني أكبر قوة اقتصادية وثالث جيش في العالم، بما يسمح لهذا الزعيم بأن يكون شخصية حاسمة في تاريخ الصين منذ عهد ماو تسي تونغ.

 من دون أن تصرح الصين بما فعلت أو بما تنوي فعله، فقد فرضت نفسها ركناً أساسياً في النظام الدولي، وما حققته من نجاحات ونفوذ في السنوات المقبلة، ستعززه في المستقبل القريب، وستكسب مزيداً من الأوراق في مواجهة خصمها الأمريكي الذي ما زال يعتبر أن بكين هي التحدي الأكبر، ولا بد من الاستعداد لمفاجآتها، لا سيما أن الصين، على عكس غالبية الدول، تحافظ على غموض استراتيجي عميق الغور، يجعل من الصعب على خصومها كشف نواياها بشأن الملفات الخلافية.

 وفي ضوء هذه الحالة، لا يشعر المعسكر الغربي بقيادة واشنطن وحلفائها في شرقي آسيا بالاطمئنان لشي جين بينغ الذي يوصف بأنه مهندس الصعود الصيني، بعد أن أعاد تنظيم الاقتصاد وتعزيز قدرات الجيش، وترسيخ الانضباط في مؤسسات الحزب الشيوعي والمجتمع، وعزمه على إعادة ضم جزيرة تايوان بالقوة إذا اقتضى الأمر.

 ورغم التطور الهائل، الذي حققته البلاد في بضعة عقود، مازالت القيادة الصينية تطمح إلى بلوغ ذروة النظام الدولي، وتأكيد قدرتها على إعادة تشكيل العالم، الذي بات يتداعى من كل جانب.

 ربما سيكون المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي محطة فاصلة في تاريخ الصين الحديث، فكل ما ورد في الخطاب الافتتاحي لشي جين بينغ يؤكد أن كل تعهداته ووعوده تأخذ في الاعتبار المتغيرات العالمية المتسارعة وانشغال الغرب السياسي بالمحنة الأوكرانية وأزمات التضخم والطاقة وارتفاع الأسعار ومواجهة التحدي المصيري الذي تشكله روسيا. فقد تضمن الخطاب تصميماً على مواجهة ما يعتبره شي جين بينغ عقبة أمريكية تحاول قمع طموح بلاده في الصعود وفرض مصالحها كأي قوة ضاربة. ولم يصدر هذا الموقف من فراغ، بل جاء بعد أيام معدودات من إعلان الولايات المتحدة استراتيجيتها للأمن القومي، وصنفت بمقتضاها الصين المنافس الوحيد الذي يمتلك إمكانيات اقتصادية وتكنولوجية وعسكرية وسياسية قادرة على إعادة تشكيل النظام الدولي، وهذه المفردة أصر الرئيس الصيني على ذكرها في خطابه لتكون رداً واضحاً ومباشراً على هواجس واشنطن.

 في السنوات القليلة الماضية، بدأت تظهر المتغيرات، ومنذ واجه العالم جائحة كورونا بدأت التوازنات تختل والمعادلات تتحور، وعندما اندلعت الأزمة في أوكرانيا بدأت أولى المعارك الفعلية لإعادة بناء النظام الدولي القائم على تعدد الأقطاب، وهذا الأمر متفق عليه بين قيادتي بكين وموسكو في لقاءات ثنائية. وفي قمة أوزباكستان الأخيرة اتضحت المسارات، ولم يعد من الممكن فصل ما يجري في أوكرانيا، وما يمكن أن يصدر من الصين، وقد تحمل مخرجات مؤتمر الحزب الشيوعي المنتظرة استراتيجية جديدة تؤكد ما سبق وتنسجم مع المتوقع.

شاهد أيضاً

هل تنجح طهران خارج محور المقاومة؟

بقلم: عادل بن حمزة- النهار العربيالشرق اليوم– دخلت منطقة الشرق الأوسط فصلاً جديداً من التصعيد …